بؤس العلمانية المغربية
هوية بريس – ذ خالد ازكاغ
يَرزَحُ المغرب تحت عتبة ِ الفقر والبطالة والأمية، لم يعد المواطن المغربي الغيور على هذا البلد يتعجب من الإحصائيات التي تنشرها جهات رسمية وأخرى غير رسمية حول نسبة البطالة المنتشرة في صفوف الشباب المغربي ولا حول الحالة المتردية التي تعرفها المستشفيات المغربية الجهوية والإقليمية والمحلية، كل هذه الأمور أصبحت من المسلمات والبديهيات، هذا دون الحديث عن السياسة المغربية، ومن يتحكمون في دواليب القرار، وحجم السخط الذي يُكِنَه المغاربة لهؤلاء الساسة، حتى أضحى العزوف عن الذهاب إلى صناديق الانتخابات من الأمور المحسومة عند الشباب، هذا الأخير الذي فقد الثقة في كل الأحزاب السياسية المغربية، وفي برامجها الانتخابية الكاسدة.
أمام هذه الأمور الجِسام والعظام، التي تحثُ وتدعو كل الغيورين على هذا البلد إلى الالتفاف والتعاون من أجل تجاوز كل هذه الإخفاقات والتعثرات، يفاجئنا جمع من المتخلفين عقليا والشواذ جنسيا، من الذين تقدم بهم العمر فلم ينعموا بدفء الأسرة ولا بحنان الأمومة و الأبوة، يجتمعون لا لكي يناقشوا هذه المشاكل التي ذكرت سالفا، ويجدوا لها حلولا ناجعة، ولكنهم و يا آسفاهاجتمعوا بُغية تأسيس لما سَموهُ ” حركة الخارجات والخارجون على القانون”، هذه الحركة المشبوهة التي أخذت على عاتقها محاربة دين المغاربة وتقويض هويتهم التليدة، حيث طالبوا المُشَرِع المغربي إلى ضرورة تغيير المادة 489 و 490 و 491 من القانون الجنائي، هذه المواد التي تُجرِم الزنا وكل العلاقات خارج إطار الزواج وتعاقب على الإجهاض…
هنا يحقُ لكل مغربي أن يتسأل هل وصل السفول والبؤس بالتيار العلماني أن جعل أكبر همه، وأسمى مطالبه وزُبَدة أفكاره في ما يدور حول الأعضاء التناسلية .. و يا عجباه كيف يجرؤ هؤلاء الناس في ظل هذه الأوضاع المُزرِية والمُتردية أن يتحدثوا عن الجنس واللواط والإجهاض، كأن هذه الأمور هي ما ينقص المغاربة وهي مشكل كل مغربي ومغربية.
لن نناقشهم في أفكارهم هذه لأن المغاربة ولله الحمد ما زالوا على فطرتهم ينكرون المُنكر ويحضون على المعروف، وإن زلَ بعضهم ووقع فيما هو مُحرَم، فإنه يتوب من ساعته ويندم على ما اقترفه، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ” التوبة تجبُ ما قبلها”، لكن الذي يَحزُ في النفس أن نجدَ عددا من المثقفين العلمانيين، الذين يُنتَظَر منهم أن يُسهِموا في بناء هذا البلد ويساعدوا في حل مشاكلته ويقدموا خبراتهم التقنية والعلمية من أجل الوصول بهذا البلد إلى بَرِ الأمان، لكنهم في هذه الظروف الحَرِجة يختزلون كل هذه المعضلات في ما يدور حول القُبل والدُبر، وهم بذلك يتناسون أن المغرب بلد إسلامي، وأن دستوره يَنُص على أن المغرب بلد إسلامي، ويتناسون أيضا أنهم يتحدثون إلى أناس مسلمين فطرةً وجِبِلةً، لذلك كل مساعيهم تبُوء بالفشل الذريع، وأكبر دليل على ذلك أن هؤلاء النفر الذين خرجوا في شهر رمضان يعلنون إفطارهم لولا السطات و القوات المخزنية لسَامهم المغاربة سوء العذاب والتنكيل، وكذلك تلك الشرذمة من اللواطيين الذين خرجوا في شوارع العاصمة يعلنون عن هويتهم الفاسدة الشاذة، كيف تصد لهم المغاربة واستنكروا فعلهم ودعواهم، واعتبروا أنهم شواذ لا يمثلون أحدا..
أمام كل هذه الوقائع والأحداث يبقى المواطن المغربي هو الضحية والمتضرر من سياسة عوجاء عرجاء عمياء، ومن نخبة علمانية تدعي الحداثة والتقدم وهمها الأسمى هو الجنس ولا شيء غير الجنس.
تحت عنوان: ” العقل الحر خلفية التقدم والإزدهار ”
إن سد منافذ العقل وفق مصالح ظرفية زائلة تساهم بشكل أو بآخر في تنميط التفكير الذي يصب في نهر عقلية الإقصاء الدوغمائي، كثيرا ما ينتج لنا إشكالية عويصة وهي إشكالية الصراع الأفقي للأفكار و تغليب الصراع الأفقي يجرنا من نقل العقل المعرفي داخل إطاره المشروع يمارس فيه جميع حقوقه ويستلهم مفهومه من حيث كونه نور رباني أودعه فيه الخالق سبحانه إلى دائرة ضيقة خطها التشديد والتقييد، إذ على ممر العصور في تاريخ البشرية كان العقل يمارس مهامه الفكرية بشكل حر، وخير مثال على ذلك قصة الحكماء السبعة مرورا بأثينا ومعلميها سقراط وأرسطو وأفلاطون وقوفا عند منهج المتكلمين، هؤلاء كانوا مدركين حقيقة لمنزلة العقل في الوصول به إلى الحقائق ودوره الفعال في التنمية والإزدهار، كل العلوم التي نقطف ثمارها اليوم كانت في عصر ازدهار العقل وحرية التفكير على ممر تاريخ البشرية، لما ساروا على هذا المنهج عزوا وسادوا في سائر المجالات مسلمين او غير مسلمين، لكن بعد الحظر العملي وتمنيط الفكر على طريقة التقليد المباشر له في الإجتهاد الذي مثله ورفع لوائه تلة من العلماء في منتصف القرن السابع، بعدها تحول العقل أساسا والمعرفة خاصة إلى كلمتين لا معنى لهما سوى تكفير وشمت كل حركة تسعى لتنوير الرأي العام آنذاك ضد قوى الجهل والقمع الفكري بشتى أشكاله في المجتمع، كما تولدت عقليات لا أساس لها تدافع عن الفكرة الأحادية، فدب الخلاف في صفوف المسلمين والتوى عليهم الضعف فأصبحوا مسرح الصراع بين مطامع بعض الدول الأجنبية، في حين انقلبت الموازين لصالح الغربيين فدأبوا على منهج العقل فصاروا أسياد العلم في شتى ميادينه تأليفا وإبداعا واختراعا، فكثيرا ما ستجد في بعض الكتب الإسلامية – انموذجا- حلقات نقاش لا تناقش أفكار أصحابها ولا تناقش ظلم واستبداد الدولة… بقدر ما ستجد حلقات مايسمى صراع الديكة وحوار الطرشان، والتشهير بأخطاء العقل ومستخدميه حسب تقدير المنتمي صاحب الكتاب، والضرب في اختيارات وقناعات وتوجهات الآخرين، وكأن الخطر الذي يواجه العقل والفكر هو الطرف الآخر وليس خطر الاستبداد والسلطوية السياسية أحيانا، كما تم تهميش القوى الديمقراطية وغياب مشاريع إصلاحية حقيقية لمنظومة الفكر في العالم الإسلامي مما جعل بعض الدول غير الإسلامية في راحة من أمرنا مطمئنة علينا أقل من أن تزعج منامها أو أن تقض مضجعها.
تسقط العلمانية وتسقط الاخوانية وجهان لعملة واحدة