سلطت دراسة حديثة لباحثة أمريكية متخصصة في الدراسات السياسية والأمنية، الضوء على تداعيات وتأثيرات حرب الخليج الثانية على السياسية الخارجية للولايات المتحدة، مشيرة إلى أنها تعتبر علامة فارقة في الاستراتيجيات الخارجية لواشنطن.
وأشارت الباحثة “ريبيكا فريدمان”، في بحث نشره موقع “warontherocks” الإلكتروني، إلى أن أمن العراق ومنطقة الخليج أصبح بعد هذه الحرب من أولويات الأمن القومي الأمريكي، كما توجهت أمريكا نحو تعظيم أهمية الأسلحة التقليدية المتطورة في الحروب بدلا من اعتبار الردع النووي أولوية.
ولفتت الباحثة إلى أن التحالف الذي شكلته الولايات المتحدة خلال هذه الحرب، والذي شمل طيفا واسعا من الدول العربية والإسلامية أصبح معيارا لكل التحالفات اللاحقة التي شكلتها الولايات المتحدة، كما كان من نتائج هذه الحرب قيام واشنطن بإنهاء سياسة الاحتواء، التي اعتمدتها لفترة، وتقديم نفسها عوضا عن ذلك كقوة واحدة عظمي.
وأضافت الباحثة أن حرب الخليج بالنسبة إلى كثيرين في مؤسسة الأمن القومي الأمريكي، أصبحت دليلا على مفهوم للقدرات العسكرية الأمريكية التي وضعت كجزء من استراتيجية الإزاحة في السبعينيات والثمانينيات عندما خطط الجيش الأمريكي عملية عاصفة الصحراء (الاسم الذي اطلق على حرب تحرير الكويت)، وكان يتوقع أنها معركة قتالية صعبة ووحشية، حيث توقعت صحيفة «واشنطن بوست» أن الكثير من الناس سيموتون.
وأكدت الباحثة أن الهيمنة العسكرية الأمريكية الكاملة لم تعد أمرا يمكن افتراضه، وأنه من الصعب القول بأن تأثير العراق على المصلحة القومية للولايات المتحدة يبرر التكاليف الباهظة التي تكبدتها الولايات المتحدة في هذا الصدد.
وأوضحت الباحثة الأمريكية أن هذه الاستراتيجيات الخارجية لبلادها في حاجة إلى مراجعة من أجل انتاج استراتيجيات جديدة تناسب الظروف الراهنة، معتبرة أن عالم اليوم لم يعد يشبه عالم “عاصفة الصحراء”، في إشارة إلى اسم العملية العسكرية التي أطلقت على حرب الخليج الثانية.
وقالت الباحثة إنه حان الوقت لإعادة النظر في تلك الموروثات، من فهم الماضي، وإنتاج أفضل استراتيجية للمضي قدما، مشيرة إلى أنه لا تزال الأولوية الاستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة هي الحفاظ على تفوقها العسكري على خصومها الحاليين والمستقبليين، على الرغم من أن الجيش الأمريكي لا يزال أعتى قوة في العالم، فإن القدرات التقليدية للولايات المتحدة لم تعد تمكنها أن تتباهي بالتفوق الساحق كما فعلت في السابق.
واختتمت الباحثة تقريرها بالقول إنه خلال السنوات الـ25 الماضية، كانت الهيمنة العسكرية الأمريكية أمرا مفروغا منه إلى حد كبير، وقد أدى عدم وجود نظير أو منافس قريب إلى السماح بحرية واسعة للعمل، ولكن هذه الهيمنة لم يعد من الممكن افتراضها وبدلا من ذلك، لا بد من الحفاظ عليها بنشاط وتكييفها وفقا لمجموعة من الحالات الطارئة التي من المرجح مواجهتها، من البلطيق إلى بحر الصين الجنوبي، مضيفة أن “إعادة النظر في صلاحية الدروس المستفادة في المراحل الرئيسية للسياسة الخارجية يمكن أن تكشف عن القوى التي تشكل، وفي بعض الأحيان، تشوه الاستراتيجية الأمريكية”، وفقا للمفكرة.