باحثون وإعلاميون يتدارسون كتاب: “التفسير الإذاعي للقرآن الكريم”
هوية بريس – منتصر الخطيب/ تطوان
ارتبط التفسير الإذاعي ارتباطا وثيقا بظهور الإذاعة الأثيرية باعتبارها الوسيلة الأسرع إلى مسامع الناس وتلقيهم، وقد تعددت محاولات العلماء في مجال التفسير الإذاعي كما وكيفا، شكلا ومضمونا، فأصبح تفسير القرآن الكريم مذاعا بمختلف محطات إذاعات بلدان العالم الإسلامي، وقد تربع تفسير القرآن الكريم للعلامة محمد المكي الناصري على منصة الإذاعة الوطنية المغربية لفترة طويلة من أرشيف هذا الأثير.
ومن أجل مناقشة هذا النوع من التلقي الأثيري، التأم باحثون وإعلاميون بمعهد الغرب الإسلامي بتطوان بعيد ظهر يوم السبت 21 رمضان المبارك 1443 لمناقشة كتاب الباحث المقتدر الدكتور يونس السباح المعنون: التفسير الإذاعي للقرآن الكريم بالمملكة المغربية الصادر عن دار سيليكي اخوان بطنجة، والذي يعتبر لبنة أساسية في تتبع نشأة هذا اللون العزيز من التفسير بالمغرب، ويفتح آفاقا لتوثيق تاريخ التفسير الإذاعي في باقي بلدان العالم.
وقد شارك في هذه القراءة مدير فرع معهد الغرب الإسلامي الدكتور إدريس العلمي السجلماسي مسيرا، والإعلامي البارز بإذاعة طنجة الجهوية الأستاذ خالد اشطيبات، والدكتور مصطفى الزكاف أستاذ التفسير بكلية آداب تطوان قارئين، فيما حالت ظروف خاصة عن مشاركة الدكتور عبد العزيز الضامر عبر المنصة الرقمية. وقد حضر هذا اللقاء ثلة من الأساتذة وطلبة العلم والمهتمين.
بعد الترحيب بالحضور وبالمشاركين انطلق مسير اللقاء الدكتور إدريس العلمي في تأطير هذه القراءات باعتبارها سنة حميدة في عرض مضامين الكتب وتقريب تداولها لدى المهتمين بالشأن العلمي والثقافي أولا، ثم بالتقديم لجهود بعض الباحثين المجدين في هذا الميدان العزيز من العلوم الإسلامية ثانيا، وهي مناسبة سانحة – يقول المتدخل- لتقديم عمل الباحث الناشئ الدكتور يونس السباح الذي يخطو خطوات حثيثة في هذا المجال من خلال مؤلفاته المتتالية عن أعلام الشمال وأخرى متنوعة بحسب مجالها داخل حقل العلوم الإسلامية، ومنها هذا السفر النفيس في تتبع نشأة التفسير الإذاعي للقرآن الكريم بالمملكة المغربية، والذي خلص به إلى هذا العمل المنتظم في فصول أربعة تحت العناوين التالية: 1- نشأة التفسير الإذاعي بالمغرب؛ اختصر فيه نشأة هذا اللون من التفسير بالمغرب عبر البرامج الإذاعية. 2- أعلام التفسير الإذاعي بالمغرب؛ وهو رصد تاريخي وتعريفي بأعلامه سواء عبر الإذاعة الوطنية أو الإذاعات الجهوية، نذكر منهم: محمد المكي الناصري، عبد العزيز العمراوي، محمد المختار السوسي، محمد الحسن الغربي، مصطفى بنحمزة، أحمد عبادي.3- منهج التفسير الإذاعي؛ من خلال مضامين هذه المادة الإعلامية.4- ثم نماذج من التفسير الإذاعي؛ وذلك بالغوص في عرض طريقة تقديم كل مشارك لبرنامجه المذاع عبر الأثير.
وقد أبدى المتدخل أسفه عن عدم تمكن الأكاديمي السعودي المتخصص في الإعلام القرآني الدكتور عبد العزيز الضامر في هذا اللقاء، لكنه أشار أن هذا لا يمنع من نثر كلمة تقديمه لهذا العمل والمتضمنة في غلاف الكتاب بقوله: )يطل علينا الدكتور النبيه والصديق العزيز يونس السباح الطنجي ببحثه الجميل عن نشأة التفسير الإذاعي للقرآن الكريم وأعلامه في المملكة المغربية، ليوثق من خلاله الحضور الكبير لهذا اللون من التفسير في هذا القطر العزيز على قلوبنا، لقد أدهشنا –المؤلف- بهذا الكم المعرفي عن التفسير الإذاعي بالمغرب في ظل غياب المعلومة عنه، حيث لم يقف.. على مرجع سبقه جمع هذه المعلومات في سمط توثيقي أنيق (.
بعد ذلك أسلم المسير الكلمة للمتدخل الأول في هذا اللقاء الإعلامي خالد اشطيبات الذي جال بحكم تخصصه الإذاعي عبر أثير إذاعة طنجة الجهوية للحديث عن المعيقات التي تعترض الباحث المفتش عن بعض البرامج المسجلة بسبب ضعف أرشيف هذه الإذاعات، مما يشكل عائقا كبيرا أمام متتبعي أثر مثل هذه البرامج على المتلقين، هذا من جهة، ومن جهة ثانية تطرق المتدخل لمشكل قلة المنتوج الديني عبر أثير الإذاعات بصفة عامة بالإضافة إلى اختيار التوقيت المناسب لإذاعتها مما يصطلح عليه عند الإعلاميين بوقت الذروة. وقد أثنى خالد اشطيبات على انخراط مؤلف هذا الكتاب في تنشيط فقرات إذاعية عبر أثير إذاعة طنجة على موجاتها الجهوية أو في فترات البث عبر الإذاعة الوطنية، اختلفت مواضيعها بحسب مناسبات إذاعتها بين التأريخ لأعلام منطقة الشمال أو عبر دروس خاصة بحياة الصحابة الكرام بمناسبة شهر رمضان وغير ذلك، مشيدا في الختام بهذا العمل الجميل الذي أفرده المؤلف لتتبع نشأة التفسير الإذاعي للقرآن الكريم في المملكة المغربية، مقدرا مجهوداته وملتمسا له العذر في كم الصعوبات التي تواجه الباحث في هذا المجال.
ثم انتقت الكلمة إلى المتدخل الموالي الدكتور مصطفى الزكاف الذي جال في محتويات الكتاب وقراءة مضمراته، والتي نظمها في نقاط خمسة: ابتدأها بالسياق الذي أعد فيه المؤلف هذا الكتاب وهو علم التفسير، ثم تطرق إلى العنوان مقترحا عنوانا تقريبيا آخر هو: “تفسير القرآن الكريم عبر الإذاعة”، حتى لا يعد التفسير الإذاعي فرعا من علوم التفسير، ثم انتقل لعرض مضمون الكتاب وتتبع فصوله، وأتبعه بالحديث عن البناء الذي ينتظم هذا النوع من المواضيع التي تهدف إلى توعية الناشئة وتعليمها مضامين القرآن العظيم وإشاراته الهامة في بناء الإنسان والحضارة، ليخلص إلى النقطة الخامسة وهي الآفاق التي يفتحها هذا البحث بالنسبة للمتلقي ليكون مطلعا على توجيهات القرآن الكريم للمسلمين بصفة عامة. وكانت المناسبة سانحة لتنويه المتدخل بعمل المؤلف بما شمله من عرض ضاف حول أشهر المفسرين الذين أسهموا في هذا الباب وعلى رأسهم العلامة المقتدر محمد المكي الناصري بما عهد عنه من اجتهاد في التأليف والتأطير والتوجيه، ولا أدل على ذلك من كثرة مؤلفاته في مختلف ميادين العلم وفروعه.
وأخيرا تسلم الميكروفون مؤلف الكتاب الدكتور يونس السباح مفصحا للحاضرين والقراء عن أصل الكتاب الذي كان عبارة عن ورقة بحثية نوى بها الباحث المشاركة في إحدى الملتقيات العلمية، ثم نضجت الفكرة لتصبح مشروع كتاب، بعد أن لم يقف على من اعتنى بهذا الموضوع ضمن البحوث الأكاديمية بشكل مفرد، ومستعرضا كذلك الصعوبات الجمة التي واجهته في تضمين فصول هذا الكتاب وعلى رأسها ما يرجع إلى قلة الأرشيف الإذاعي الذي يحفظ هذه المادة الإعلامية.
وفي ختام هذا اللقاء تفضل مسيره بشكر القارئين والتنويه بعمل المؤلف في الكتاب، مفسحا المجال لبعض مداخلات جمهور المتتبعين التي ساهمت في إغناء هذه القراءات وأبانت عن تتبع حثيث لمضمون مداخلاتها، ثم تقدم المؤلف بتوقيع الكتاب لمن اقتناه من المعرض المقام بالمناسبة.