باحث: اعتراف الملك بفشل النموذج التنموي هو إقرار بتدهور الأوضاع
هوية بريس – عبد الله أفتات
خلف الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس يوم الجمعة 13 أكتوبر 2017، بمناسبة ترؤسه لافتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية العاشرة، والذي اعترف فيه بفشل النموذج التنموي الوطني، العديد من ردود الأفعال، ما بين منوه بالانتقاد الذاتي، وما بين معتبر أن المسألة تقتضي مساءلة، بعد مرور 18 سنة على حكم الملك محمد السادس.
الملك في ذات الخطاب اعتبر أن النموذج التنموي الوطني “غير قادر على الاستجابة للمطالب الملحة، والحاجيات المتزايدة للمواطنين، وغير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات ومن التفاوتات المجالية، وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية”، داعيا “الحكومة والبرلمان، ومختلف المؤسسات والهيئات المعنية ، كل في مجال اختصاصه، لإعادة النظر في نموذجنا التنموي لمواكبة التطورات التي تعرفها البلاد”.
كما دعا محمد السادس إلى “التحلي بالموضوعية، وتسمية الأمور بمسمياتها، دون مجاملة أو تنميق، واعتماد حلول مبتكرة وشجاعة ، حتى وإن اقتضى الأمر الخروج عن الطرق المعتادة أو إحداث زلزال سياسي”، وقال الملك “إننا نريدها وقفة وطنية جماعية، قصد الانكباب على القضايا والمشاكل، التي تشغل المغاربة، والمساهمة في نشر الوعي بضرورة تغيير العقليات التي تقف حاجزا أمام تحقيق التقدم الشامل الذي نطمح إليه”، مؤكدا حرصه على متابعة هذا الموضوع.
اعتراف الملك بفشل النموذج التنموي ردده عدد من المحللين منذ سنوات
وفي هذا الصدد اعتبر الباحث الحسين المجدوبي أن “اعتراف الملك بفشل النموذج التنموي أو قصوره ردده، ومنذ سنوات، عدد من المحللين غير المتملقين للسلطة، وانهالت عليهم الاتهامات بالتمرد والعصيان، وحتى الخيانة”.
وأضاف الباحث في مقال نشره في صحيفة “القدس العربي” اللندنية، “مثل الكثير من الدول، تسود في المغرب ثقافة التملق، التي وإن لم تصل إلى مستوى بعض الدول المشرقية، التي ترفع خطابات الحاكم إلى مرتبة التقديس، ولكنها أصبحت مقلقة، لاسيما من طرف بعض «الخبراء الجامعيين» الذين يمتلكون شجاعة غير أخلاقية للجزم أحيانا بأن اللون الأبيض هو أسود والعكس صحيح، إذا اقتضى الأمر”، معتبرا أن هذه “الثقافة تعرقل أي تطور لأنها تتحول إلى سد وجدار أمام النقد البناء الرامي للإصلاح والتوجيه”.
بعض أسباب فشل المشروع التنموي في المغرب
المجدوبي في ذات المقال أجمل أسباب فشل المشروع التنموي في المغرب في اثنين، “أولا، غياب الدراسات المعرفية العميقة المرتبطة بالواقع المغربي، والرهان على دراسات تقنية لمكاتب أجنبية تقدم الوصفات نفسها لكل دول العالم المتخلف، حيث تكتفي بتغيير اسم البلد والمعطيات الجغرافية”، والثاني حدده في “ضعف ثقافة النقد لمشاريع الدولة المغربية، خاصة تلك التي تشرف عليها السلطات العليا في البلاد، والملك محمد السادس”.
واعتبر الباحث أن “تراجع المغرب تنمويا تزامن مع اعتماده المبالغ فيه على الدراسات التي تنجزها المكاتب الأجنبية، أو مكاتب وطنية لكنها في الغالب وكيلة لمكاتب أجنبية وفي خدمة القطاع الخاص، وتركز هذه المكاتب على مشاريع لا علاقة لها بالتنمية الاجتماعية، بل ليست حتى بالتنمية الاقتصادية بل هي مشاريع مالية لفئة قليلة من النافذين في هرم الدولة والحقل السياسي، وجعلت من المغرب بورصة للقيم لتحقيق الأرباح بدون أدنى وازع وطني واجتماعي”.
مشيرا إلى أن ملك البلاد كان قد قال في خطاب ثورة الملك والشعب خلال شهر غشت 2014 بانتقال المغرب إلى مصاف الدول الصاعدة. وعاد في خطاب افتتاح البرلمان خلال أكتوبر 2014 الى تمجيد المشروع التنموي المغربي الى مستوى استشهاده بحديث نبوي مفترض، أثار الكثير من اللغط والجدل «اللهم كثّر حسادنا» وجاء في الخطاب حرفيا «وأستحضر هنا، قول جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم كثر حسادنا. لأن كثرة الحساد، تعني كثرة المنجزات والخيرات. أما من لا يملك شيئا ، فليس له ما يحسد عليه».
اعتراف الملك يؤكد أن الدولة بدأت تعي بتدهور الأوضاع
أشار المتحدث في ذات الحوار إلى أن اعتراف الملك بفشل النموذج التنموي يأتي في سياق تتراجع المغرب في ترتيب التنمية البشرية على المستوى العالمي، وقال الكاتب إلى أن اعتراف الملك نفسه بفشل النموذج المغربي في تلبية ليس طموحات المغاربة، بل المطالب البسيطة من صحة وتعليم وشغل، أي الحد الأدنى من شروط العيش الكريم.
وهي المطالب التي قال عنها المجدوبي أنها “تهدد استقرار المغرب بسبب شبح ثورات اجتماعية، مثلما يحدث في الريف والآن في زاكورة. لم يعد المغاربة يرغبون في صناديق شفافة في الانتخابات بل في ما سيأكلونه وأين سيتعالجون إذا مرضوا وأين سيعملون”.
واعتبر المقال على أن خطاب الملك الجمعة الماضية، يعني أن الدولة المغربية بدأت تعي بتدهور الأوضاع في المغرب، وبدأت تقر بصعوبة العيش الكريم للشعب، ولاسيما الشباب في الحصول على الشغل والصحة، وهو اعتراف إيجابي -يقول المجدوبي- لكن لم ترق الدولة بعد الى تسطير مشروع تنموي حقيقي قائم على المعرفة العميقة باحتياجات البلاد، لأن الذين أشرفوا على مشاريع الأمس التي أدت بالبلاد إلى الأزمة، هم من سيشرفون على مشاريع المستقبل. التنمية في المغرب يجب ألا تكون حقل تجارب متكررة لأن الأمر يتعلق بمستقبل أجيال.
السلام.فات الاوان وحان وقت الحصاد وهيهات ان يتوقف انفجار البركان .هي مسالة وقت فحسب.
اللهم سلم سلم
اللهم اجعل بلدنا امنا مطمئنا رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين