بديعة وسرطان الرحم..

06 أكتوبر 2025 22:56

هوية بريس – د.زهير لهنا

قصة “بديعة” تعكس وجها للواقع الصحي في مغرب اليوم…

في مطلع شهر شتنبر، اتصلت بي طبيبة أعرفها وأتعاون معها، لأفحص معها سيدة ساورها الشك في ما لاحظته على عنق الرحم.

كانت السيدة في السابعة والثلاثين من عمرها، أماً لثلاثة أبناء تشكو من نزيف متوسط الغزارة منذ أشهر. وقد زارت طبيبة أخرى من قبل لم تلاحظ شيئًا غير عادي.. فاكتفت بوصف مانع للحمل أملًا في أن ينقطع النزيف. لكن النزيف لم يتوقف وازداد الأمر سوءًا بظهور ألم في أسفل البطن.

كان التشخيص واضحًا، إذ بدا على عنق الرحم ورم كبير.

شرحت الوضع للسيدة وزوجها، وسألته عن التغطية الصحية، فأجابني بحزن أنه فقد عمله منذ أشهر، ولم تعد له أي تغطية. فنصحته بالتوجه إلى مصلحة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ظناً مني أن من فقد عمله يُمنح تلقائيًا التغطية الصحية التضامنية.

اتصلت بي زميلتي لتخبرني أن المريضة لا تملك إمكانية الذهاب إلى طبيب لإجراء الخزعة التي ستؤكد التشخيص، إذ يبلغ ثمنها 800 درهم. فذهبت لعيادتها فقمتُ بإجرائها لها. وتحدثنا إلى طبيب التحاليل ليأخذ 50% فقط من أتعابه نظرًا لحالة الفقر، فقبل مشكورًا.

ثم قلتُ للزوج: كيف ستفعل إن تأكد التشخيص؟ فستحتاج إلى رنين مغناطيسي يكلف نحو 3000 درهم، ناهيك عن تكاليف العملية الباهظة، والعلاج الكيماوي، والأشعة.

فانكسر أمامي، عاجزًا عن الإجابة.

بحمد الله، استطعت أن أبشره بوجود جمعية في المحمدية يرأسها صديقي الدكتور فلاق، تُعنى بمساعدة مرضى السرطان على تحمل مصاريف العلاج قدر المستطاع. حاولت أن أزرع فيه الأمل رغم كل شيء.

كنت أتمنى أن تعود نتائج الخزعة سلبية فأفرح للسيدة وأهلها، لكن الجواب وصلني مؤلمًا: لقد كان سرطانًا بالفعل.

إن هذه السيدة المريضة، الأم لثلاثة أبناء صغار مهددة بالموت المحتوم بعدما وجدت نفسها ضمن ثمانية ملايين مغربي كانوا يستفيدون من تغطية مجانية في المستشفيات العمومية والجامعية على مشاكلها، ثم أصبحوا اليوم خارج كل حماية. فشروط الولوج إلى نظام التغطية التضامنية صعبة للغاية، ولا تقبل إلا حالات الفقر المدقع.

إن السياسة حين تُمارس بلا مراعاة للإنسان، لا تخلّف سوى الكوارث و لعلنا في بدايتها… لكن للمسؤولين في الصحة رأي آخر.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
18°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة