بعد انتقاد “طوطو”.. توقيف د.قرطاح خطيب مسجد الغفران بالقنيطرة

هوية بريس – إبراهيم بَيدون
أصدرت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قرارها بتوقيف الخطيب الدكتور مصطفى قرطاح خطيب مسجد الغفران بحي الوفاء بمدينة القنيطرة، وذلك بعدما وجّه رسالة إلى الرابور المثير للجدل “طوطو” يهنئه فيها على التكريم والاحتفاء الذي يحظى به والإقبال الجماهيري الكبير الذي تعرفه سهراته وحريته في نشر الكلام البذيء والسلوكيات المنحرفة في مقابل التضييق على أصحاب الجلابيب البيضاء والطرابيش الحمراء في إشارة إلى الخطباء وما يعانونه من تضييق.
وكان القرار بالنسبة لمرتادي المسجد ومن يحضرون خطبة الجمعة فيه صادما، إذ تربطهم بالخطيب قرطاح علاقة قوية امتدت لسنوات، فهو الخطيب الذي يتناول قضاياهم ومشاكلهم ويجيب عن تساؤلاتهم ويعلمهم دينهم وأحكام شريعتهم ويناصر قضاياهم وقضايا أمتهم، وعلى رأس ذلك القضية الفلسطينية والعدوان على قطاع غزة المستمر.
وتعليقا على هذا القرار كتب إبراهيم العوفي أحد مرتادي الخطبة في حسابه على فيسبوك “تم عزل الدكتور والفقيه والمربي مصطفى قرطاح من منصبه كخطيب الجمعة من مسجد الغفران بالقنيطرة وكان معروفا باعتداله ووطنيته وتدينه القوي وفقهه العميق من القرآن والسنة وكان دائما ما يتكلم عن قضايا الأمة والقضية الفلسطينية وقضايا الوطن وقضايا الحي حتى أصبح الصغير والكبير والمخالف يحبونه ويدعون له في ظهر الغيب”، مردفا “جعل من يوم الجمعة في مسجد الغفران هو يوم ترابط وتضامن بين أفراد الحي وكانت له سنة حميدة في آخر خطبة يوم الجمعة يدعو مع مرضى الحي وموتى الحي وأصحاب الديون وكل من كانت له مشكلة، وكان دائما ما يتطرق لقضايا الأسرة والنصح لهم بالتمسك بالدين والتدين والمودة والرحمة فيما بين الأزواج، ونساء الحي جعلوه ملجأ لهم في مشاكلهم ومعاناتهم بحكمته ودعوته الصادقة”.
وأضاف العوفي -منشئ محتوى دعوي- “السؤال الذي أرهقني وأذهب عني النوم هل هذا الخطيب خطر على الدولة وعلى توجه وزارة الأوقاف وتدين المسلمين؟ أم أنه خطر بتعريف الذكاء الاصطناعي؟ كما أظهر بيان وزير الأوقاف؟ وأنا اعلم علم اليقين أن الدكتور مصطفى قرطاح لا يحب مثل هذا الكلام الذي أقوله، ولكن نحن نقول الحق ونخلص ضمائرنا”، مردفا “وأتكلم عن نفسي إذا كنت مسافرا أو كان لدي عمل بعيد عن مسجد الغفران يوم الجمعة فكأني لم أصلّ صلاة الجمعة لأن الدكتور ربط قلبنا بمسجد الغفران وجعلنا كالعائلة الكبيرة حتى أصبح غداؤنا يوم الجمعة لا يخلو من التكلم عن خطبته ومذاكرة ما قاله مع أزواجنا”.
وتابع العوفي “وهذا الخبر سيكون كالصاعقة في قلوب أبناء حي الوفاء لأنني رأيت أبناء وهم يخرجون يوم الجمعة وهم يتساءلون أين الدكتور وأشبههم بمثل الطفل الذي تاه في ازدحام بين الناس ولم يجد أبويه. لا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم، سبب عزله واضح جدا وهو القضية الفلسطينية. الدكتور بارك الله فيه لا ينفك عن ذكرهم والدعاء لهم بخشوع في كل خطبة؛ حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من حرمنا هذا الخير العظيم الذي كنا نستمتع ونستفيد ونتزود منه يوم الجمعة”.
وعن قرار توقيفه لم يزد الدكتور قرطاح عن كتابة هذا الشكر والكلمات في جدار حسابه على فيسبوك: “كلمات شكر وعرفان:
إلى السيد رئيس المجلس العلمي القنيطرة، فضيلة الأستاذ الدكتور يونس الصيباري،
إلى السادة أعضاء المجلس كافة،
إلى فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الهادي صابر، متعه الله تعالى بالصحة والعافية،
إلى فضيلة الفقيه العالم،الأستاذ الدكتور عبد السلام أجرير الغماري،
إلى فضيلة الأستاذ الباحث الدكتور عبد الرحيم اللاوي
إلى موظفي المجلس العلمي جميعا،
إلى الأخ الحبيب والطيب اللبيب الأستاذ محمد حجاجي،
إلى السادة المرشدين والمراقبين،
إلى الأخ الفاضل عبد النور لعيوني والأخ العزيز عبد الرحيم لقجيري، والأخ الكريم عبد العزيز دروك،
أبعث إليكم أسمى عبارات الشكر والعرفان، والتقدير والامتنان، فقد قضينا سنوات طوال من العمل الدعوي والتعاون على الخير والتناصح فيه، في ظل أجواء طبعتها المحبة الصادقة والأخوة الإيمانية، مما نطمع أن نلقى ثوابه يوم القيامة، فنرجو الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم جميعا ما سلف من عمل صالح، وأن يغفر لنا تقصيرنا وتفريطنا، وأن يهيئ لنا من أمرنا رشدا ويفتح لنا أبواب الخير، وأن يلهمنا السداد في سبل الإصلاح، والحمد لله رب العالمين.
أخوكم مصطفى قرطاح”.
وجوابا عن هذه الكلمات علق عليه أحد المخاطَبين وهو الدكتور عبد السلام أجرير بـ”شكر الله سعيكم وأكرمكم بكرمه وحفظكم بحفظه الجميل الأستاذ المفضال الدكتور سيدي مصطفى قرطاح.
نسأل الله أن يتقبل منكم ما قدمتومه وتقدمونه للدعوة وتعليم الناس أمور دينهم وأخلاق شريعتهم وحسن معاملاتهم…
وإذ نتأسف غاية الأسف عن غيابكم، نسأل الله تعالى أن يختار لكم الأفضل والأجمل والأمثل، وأن ينفع بكم البلاد والعباد حيثما كنتم. آمين. مودتي لكم”.
من جهتهم عبّر الكثيرون عن سخطهم من هذا القرار الذي لم يحد عن مسار التوقيفات التي يصدرها الوزير أحمد التوفيق في حق أفضل خطباء هذا الوطن والتي سبق وطالت علماء ورؤساء وأعضاء في مجالس علمية، والذين من المفترض أن يكونوا هم من يحفظون منبر وخطبة الجمعة من أي مخالفة للدين وحفظ شرائعه ويحرصون على احترام ثوابت البلاد.
تجدر الإشارة هنا إلى كلام سابق للدكتور محمد أبياط الخطيب الفاسي -الموقوف عن الخطابة سنة 2016- في إحدى خطبه، حينما قال “إذا بقي أهل الحق ساكتين متنازعين مختلفين متخاذلين فسيأتي يوم يضطر خطباء الجمعة والأعياد -إذا بقوا- إلى أخذ الإذن والرخصة من موازين ومن الموسيقى الروحية (في إشارة إلى مهرجاني الرباط وفاس)، سيأتي وقت لا يمكننا الصعود للمنابر حتى يعطونا الإذن ومن معامل الخمور ومن الأبناك الربوية ومن الجمعيات الإلحادية ومن المكتب السياسي اليهودي ومن القنصليات والسفارة الأمريكية وغيرها.. حتى يسمحوا لنا، أما إذن المجالس العلمية أو إذن وزارة الأوقاف لن تبقى له قيمة”.



