بعد تخفيض عقوبة غلاب وبادو الزهاري يستقيل ويعلن أن “التحكم مازال حيا يسري في بعض أجنحة قيادة حزب الاستقلال”
عبد الله مخلص –هوية بريس
بعد عقد الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني لحزب الاستقلال أمس السبت 04 مارس 2017 والتي خصصت للنظر في الملتمس الذي قدمه كل من كريم غلاب وياسمينة بادو لإعادة النظر في القرار رقم 1/17 الذي أصدرته يوم 09 فبراير من السنة الجارية.
أعلن محمد الزهاري عضو المجلس الوطني لحزب الاستقلال واللجنة المركزية حاليا عن استقالته النهائية من عضوية اللجنة الوطنية للتحكيم والتأديب، وذلك بعد إعلانه عدم الرضا بتاتا عن الطريقة التي تم بها تخفيض عقوبة كل من ياسمينة بادو وكريم غلاب.
وأصدر الرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بيانا شرح فيه بتفصيل ما جرى في الدورة الاستثنائية وما حال دونه وإمكانية المواصلة العمل في اللجنة الوطنية للتحكيم والتأديب.
وجاء في بيانه الذي كشف كثيرا من التفاصيل:
السيد الأمين العام لقد كانت المسطرة المعلن عنها سليمة، حيث تم انتداب رئيس للمجلس الوطني هو السيد عبد الله البقالي طبقا لمقتضيات المادة 129 من النظام الداخلي التي تنص على : ” في حالة غياب رئيس المجلس الوطني ينتدب (بضم الياء) بتنسيق مع الأمين العام من ينوب عنه من بين أعضاء اللجنة التنفيذية “.
وبعد عملية انتداب رئيس الجلسة أعلن أنه سيعطي الكلمة لرئيس اللجنة الوطنية للتحكيم والتأديب بالنيابة لقراءة نص القرار المشار إليه أعلاه، ثم يتناول الكلمة بعد ذلك طالبي الملتمس اللذين أدانتهما اللجنة بارتكابهما مخالفة قوانين الحزب والإضرار بمصالح الحزب وعدم الانضباط لمقرراته، ومعاقبتهما تأديبيا بالحكم عليهما رفقة احمد توفيق احجيرة بالتوقيف من ممارسة مهامهم وأنشطتهم الحزبية محليا ووطنيا لمدة ثمانية عشر شهرا. ويتلو مرافعتهما من أجل التصدي لحكم الإدانة تعقيب الأمين العام للحزب حميد شباط باعتباره الجهة التي أحالت الملف على اللجنة الوطنية للتحكيم والتأديب طبقا لمقتضيات المادة 106 من النظام الداخلي، وتختتم الجلسة بتعقيب طالبي الملتمس.
السيد الأمين العام لقد صادق المجلس الوطني على مسطرة البت في الملتمس، وشرع في أشغاله.
السيد الأمين وإلى حدود النهاية كانت الأمور كلها تسير بشكل عادي يحترم المسطرة المتفق عليها، لكن مرحلة المداولة والبت عرفت عدة خروقات أجملها في ما يلي :
كان من المفروض أن ينسحب طالبي الملتمس من القاعة لأن المجلس برمته سيتحول إلى هيئة استئناف للتداول في الملتمس، والاستماع إلى مقترحات أعضاء المجلس، أو مناقشة مقترحات يتقدم بها رئيس المجلس الوطني، وهو في هذه الحالة يتمتع بسلطة تقديرية لتقديم مقترحات كانت في اعتقادي الشخصي لن تخرج عن الآتي : إما تثبيت قرار اللجنة الوطنية للتحكيم والتأديب أو خفض عقوبة التوقيف أو الرفع منها أو إلغاء قرارها نهائيا .
بخلاف ما كان متوقعا صرح رئيس الجلسة بأن المجلس الوطني مطالب بمسك العصا من الوسط، و الخروج بقرار لا وجود فيه لغالب أو مغلوب، منتصر أو منهزم، وبأن القاعدة القانونية تؤكد أن الاستئناف لا يمكن له رفع العقوبة، وهو تصريح مخالف للواقع القضائي حيث أن محاكم الاستئناف في عدة حالات رفعت من مدة العقوبة.
السيد الأمين العام إن هذا في اعتقادي يمثل تجاوزات لسلطة الرئاسة التي اختارت التوجيه. فرئيس المجلس الوطني كان مطالبا بتكليف لجنة للصياغة لإعداد محضر لمداولة المجلس (كهيئة استئناف) وإعلان مشروع القرار الذي ستفرزه المداولة للبت فيه، وصياغة الحكم الاستئنافي وتلاوته علنيا وحضوريا (بعد المناداة على طالبي الملتمس لولوج القاعة).
السيد الأمين العام ما شكل صدمة بالنسبة لي هو أن تعطى لكم الكلمة في الأخير– خلافا للمسطرة المتفق عليها – لتقدموا ملتمسا إلى المجلس الوطني يقضي بتخفيض العقوبة من ثمانية عشر شهرا إلى تسعة أشهر.
فكيف يمكن للأمين العام الذي أحال ملفات المخالفة على اللجنة؟ أن يقدم ملتمسا لتخفيض العقوبة ؟ أليس هذا تطاولا واضح على اختصاصات رئيس الجلسة ( هيئة الاستئناف ) ؟ لماذا لم تتم صياغة الملتمس وتقديمه في شكل قرار استئنافي معلل يستحضر الدواعي القانونية الصرفة لتخفيض العقوبة وتلاوته حضوريا وعلنيا بعد المناداة على طالبي الملتمس؟
السيد الأمين العام لست معترضا تماما على تخفيض العقوبة أو إلغائها لأنني مؤمن باحترام القانون والشرعية التي تعطي الحق للمخالف لتقديم ملتمس من أجل استئناف العقوبة أمام المجلس الوطني، ولكنني أرفض رفضا مطلقا أن نكون كأعضاء لجنة منحها المشرع الحزبي مهمة التحكيم والتأديب اشتغلنا لمدة شهر تقريبا خلال ست جلسات احترمنا فيها الضوابط القانونية ومكنا خلالها المخالفين من شروط وضمانات المحاكمة العادلة، وفي الأخير تتم تسوية الملف سياسيا بعيدا عن الضوابط القانونية.
لقد امتلكت اللجنة – التي اعتز بكوني كنت عضوا بها – الجرأة لمقاربة الملف وفق مقتضيات النظامين الأساسي والداخلي بالاحتكام إلى ما يمليه علينا ضميرنا، وجلب لنا ذلك مشاكل كثيرة ومتاعب إضافية وصلت إلى حد وصفنا من طرف بعض المخالفين باللجنة الشباطية أو لجنة البلطجة.
السيد الأمين العام إن ما وقع يؤكد أن التحكم مازال حيا يسري في بعض أجنحة قيادة الحزب، وأن ميلكم لتسوية الملف سياسيا بعيدا عن احترام الضوابط القانونية يعني أنكم فتحتم فراغات وثقب جديدة في قيادة الحزب بالخضوع لإملاءات تستمد مرجعيتها ممن يخوضون حربا بالوكالة ضد حزب الاستقلال وضد مؤسسة الأمين العام .
السيد الأمين لماذا تنازلتم بعد أن كنتم تطالبون بالرفع من العقوبة والإعلان جهرا أن الذي كان منتظرا من اللجنة هو الطرد وليس التوقيف المؤقت، وتقدمون – بشكل مفاجئ – ملتمسا بتخفيض العقوبة ضدا على إرادة المجلس الوطني كانت واضحة في الرفع من العقوبة أو تثبيتها؟ ألم تكن تصريحات طالبي الملتمس التي جاهرت بسب وقذف مؤسسة الأمين العام، وقامت بتحقير مقرر اللجنة كافية لتطبيق القانون ؟
السيد الأمين وبناء على ما حدث،
ولأن الأمر أصبح يتناقض مع قيمي ومبادئي التي تربيت عليها بحزب الاستقلال منذ أن تحملت مسؤولية كاتب الشبيبة الاستقلالية بمدينة تمارة سنتي 1990 -1991، وصولا إلى عضو بقيادة هذه المنظمة من 2004 إلى 2010، وكاتبا إقليميا للحزب بالصخيرات تمارة لولايتين من 2004 إلى 2012،وعضوا للمجلس الوطني منذ 2003 إلى الآن، وعضو للجنة المركزية حاليا ؛
ولأنني اعتبر أن أغلى ما أملك في هذه الدنيا هو كرامتي، وأنني لن أقبل أن أشعر يوما ما أن رأيي لم يكن في لحظة ما أو محطة ما سوى سيف للتخويف ليس إلا ؛
ولأنني انتخبت عضوا للجنة الوطنية للتحكيم والتأديب من طرف المجلس الوطني الذي قرر اليوم تخفيض العقوبة التي سبق للجنة أن حكمت بها ضد طالبي الملتمس، وهو الأمر الذي عارضته علانية،ولم يسمح لي بالتعبير عن وجهة نظري داخل المؤسسة، مما يفرض علي عدم الاستمرار في هذه المهمة احتراما لقرار المجلس الوطني الذي انتخبني وكلفني بهذه المهمة، حيث أن تخفيض العقوبة يعني أننا كلجنة أصدرنا عقوبة لم تكن في مستوى ” الثقة ” التي منحنا إياها المجلس الوطني .
لكل ما سبق أعلن لكم السيد الأمين العام استقالتي النهائية من عضوية اللجنة الوطنية للتحكيم والتأديب، مؤكدا لكم أنني سأظل منخرطا بقوة في جبهة مناهضة التحكم والاستقواء والتسلط، مدافعا عن مؤسسات الحزب وعلى رأسها مؤسسة الأمانة العامة، واستقلالية وسيادية القرار الحزبي، مجددا إدانتي لكل التجاوزات والخروقات التي ارتكبها أعضاء اللجنة التنفيذية موضوع قرار الإحالة، محتفظا لنفسي بحق اللجوء إلى القضاء ضد من سبق منهم سبنا وشتمنا ووصفنا بأوصاف قدحية وماسة بالكرامة، محذرا في نفس الوقت من مؤشرات بروز مخطط آخر لاستهداف الحزب والاستيلاء على مؤسساته من طرف من يخدمون أجندات بدت واضحة للعيان.
عاش حزب الاستقلال حزبا وطنيا ديمقراطيا،
مناهضا للتحكم والاستقواء، مدافعا عن استقلالية وسيادية القرار الحزبي
محمد زهاري
عضو اللجنة الوطنية للتحكيم والتأديب