بعد فاجعة فاس.. العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان تطالب بجرد وطني للبنايات الهشة

هوية بريس-متابعات

نددت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بما وصفتْه بـ”الإهمال البنيوي” الذي أدى إلى فاجعة انهيار بنايتين بمدينة فاس، والتي أسفرت عن مصرع ما يقارب 22 شخصاً، إضافة إلى عدد من الجرحى وصدمات اجتماعية ونفسية ما تزال آثارها العميقة تلاحق الأسر المنكوبة.

وأكدت العصبة، في بيان شديد اللهجة، أن ما وقع في فاس ليس حادثاً معزولاً، بل حلقة جديدة في سلسلة انهيارات تتكرر منذ سنوات في عدد من المدن المغربية، بما يعكس استمرار اختلالات الحكامة العمرانية، وضعف منظومة المراقبة، وغياب المقاربات الوقائية القادرة على حماية الأرواح وضمان السكن اللائق كما يكفله الدستور والمواثيق الدولية.

وأشار البيان إلى أن الأحياء القديمة والشعبية أصبحت بؤراً لـ”القنابل الإسمنتية”، بسبب تراكم عقود من الترقيعات العشوائية والإضافات غير القانونية، التي تتم في غياب الخبرة الهندسية والمراقبة المهنية، رغم وجود مؤشرات واضحة تسبق معظم حوادث الانهيار، من قبيل التصدعات، وتسربات المياه، وميلان البنايات، وشكايات السكان، وتقارير تقنية تركت دون تنفيذ.

ولفتت العصبة إلى أن البناء غير القانوني بات ظاهرة مقلقة، تسهم في تعميق المخاطر داخل النسيج الحضري، مؤكدة أن الظروف الاجتماعية مهما كانت قاسية، لا يمكن أن تبرر تعريض حياة المواطنين للخطر، داعية إلى اعتماد مقاربة وقائية شاملة توفر بديلاً سكنياً كريماً وتحفظ سلامة الأسر.

وطالبت المنظمة الحقوقية بإصلاح جذري لمنظومة المراقبة العمرانية، عبر جرد وطني دقيق للبنايات الهشة، وإحداث قاعدة بيانات موحدة، وإخضاع المباني المصنفة خطرة لخبرات هندسية إلزامية، مع توفير حلول سكنية انتقالية لائقة، وتعزيز تكوين المهندسين والمراقبين وربط الاعتمادات المهنية بالنزاهة واحترام معايير الجودة والسلامة.

كما دعت العصبة إلى تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة قبل وقوع الكوارث وليس بعدها فقط، متسائلة عن أسباب السماح بإضافة طابقين إلى البنايتين المنهارتين، ومن يقف وراء التغاضي عن خروقات واضحة خلال عملية البناء، وكيف سمحت لجان المراقبة بتمرير مخالفات تهدد حياة الساكنة.

وختمت العصبة بيانها بالتأكيد على أن تواتر الانهيارات لم يعد مجرد حوادث تقنية، بل أصبح مؤشراً على خلل عميق في منظومة التعمير وتطبيق القانون، محذرة من أن استمرار الإفلات من العقاب سيحوّل كل فاجعة جديدة إلى مجرد “قصة تُطوى بالتقادم والنسيان” بدل أن تكون مناسبة لتصحيح المسار وحماية أرواح المواطنين.