بعد منع النقاب، هل يطال الملحفة الصحراوية الإلغاء؟!
هوية بريس – ذ. إدريس كرم
الخرجة الجديدة للفرنكفونيين بالمغرب في اختيارات الناس ما يلبسون في منازلهم وفي الشارع والسوق والقرى والمداشر النائية عن عيون أبناء ماما فرنسا، التي قد لا تعترف بالجم الغفير منهم، بدليل تنصلها من شططهم الذي يكلفها غاليا على مستوى مواقف المغاربة خاصة والأفارقة عامة، مما يفرضه عليهم برادينها ومتملقو عطفها، ويعرقل مسعاها في التصالح مع مستعمراتها الرافضة لعنهجية بعض رضاعها غير المفطومين بعد.
والغريب العجيب أنها تزامنت مع مؤتمر فرنسا والدول الإفريقية وكأنهم يريدون تعكير جو المؤتمر وتذكير شعوب القارة بنيران العنصرية والاستغلال والإقصاء الفرنسي لشعوب القارة باسم التطوير والتحديث والعصرنة التي لم تعد على تلك الشعوب إلا بالفقر والمسغبة.
إن الخرجة الجديدة للفرنكفونيين الهادفة من وراء تحريك بعض أعوان السلطات الرسمية بدون سند قانوني وشرعي، لمنع بيع وارتداء ملابس المنقبات، ليس من وسائل الإعلام أو العمل في القطاعات الإنتاجية فقط لأن ذلك ساري المفعول على كل المتحجبات والمتجلببات والمتلثمات والمتلحفات، دون أن يلاموا من قبل المنظمات الحقوقية والنسائية باعتبار ذلك اعتداء على الحرية الشخصية في القبول والترك، والأخذ والعطاء، ومصادرة حق المجتمع في رؤية ممثليه في وسائل الإعلام التي تخاطبه بالليل والنهار.
لقد سبق أن تحدثنا في مقالات سالفة عن احتلال الكوستيم لفضاء الجلباب، وبيّنا في الزيارة الرسمية لرئيس الجمهورية الفرنسية للمغرب واستقباله من قبل البرلمان المغربي الذي لولا ملاحف النساء الصحراويات بالبرلمان وسعاته المجلببين، لظن الرائي أنه في دولة غير المغرب الذي يعتبر الجلباب والقفطان والطربوش أو الرزة هي الأزياء المعبرة عن ساكنيه.
وكذلك الأمر بالنسبة للتلفزيون الذي لا يظهر فيه الزي الوطني بالنسبة للمذيعين والمذيعات حتى في الأعياد ويوم الجمعة والمناسبات الوطنية، لأنهم يعتبرون ذلك من التخلف، ورحم الله الحسن الثاني الذي قال عندما قدم له وزير السياحة العلوي تصور إقامة مهرجان الفلكلور بمراكش: “كيف سيتم هذا ووزراء الحكومة يعرفون عن فرنسا وباريس أكثر مما يعرفون عن المغرب والرباط؟”، فما كان من الوزير إلا أن بحث عن أنثربولوجي فرنسي وشغله في ديوانه ليمرر الفكرة للمسؤولين الذين لا يعرفون العمل إلا من خلال المِهماز الفرنسي، ونجحت الفكرة.
فلو أن هؤلاء المستلبين الموتورين من تشبث المغاربة بهويتهم ونظامهم السياسي وتميزهم الاجتماعي والحضاري الذي يعتبر اللباس أجلى تمظهراته، والذي يستفيدون هم ومن يطلبون ودهم من تنوعه وتحوله وسموه وإشباعه الروحي والمادي لهم على مستوى السياحة والراحة وطيب العيش وكرم الضيافة ولين الجانب، بناء على تعاليم الإسلام الحنيف الذي يريدون أن يجردوه من مصادر قوته وعزة أهله بتقصيص مظاهر التعبير عنه وإفراغها من محتواها.
إن الذين أرادوا قولبة المغاربة بجعلهم شعبا من العراة ينتظرون الكساء من متلاشيات الغرب حتى يتسنى تسويقهم صورة وصوتا، ويسمح لمن يراهم كما قال أحدهم: “الاستمتاع بتفاصيل أبدانهم والتلذذ بها”.
ولتذكير هؤلاء المستلبين نسوق لهم ما قاله وزير الحرب الفرنسي سنة 1913، وهو يناقش طلب ميزانية إضافية لتمويل غزو المغرب بعد اشتداد المقاومة، حيث قال:
“يجب أن تعلموا أن المغرب لم يولد حديثا، وأنه ولد بالقانون” (إفريقيا الفرنسية 1913).
فلو لم يكن الفرنكفونيون معميو البصر والبصيرة لما قاموا بهذا الفعل في ظرف عودة المغرب القوية لعمقه الإفريقي، هذه العودة التي يجد فيها الأفارقة الأثر الحميد على المستوى الروحي والتجذر الثقافي بعدما ذاقوا ذرعا من الصلف الاستعماري والغطرسة الأوربية التي أدت بأحد بلدان القارة للتخلي عن اللغة الفرنسية والتحول للإنجليزية.
لقد تغول الفرنكفونيون على المجتمع المغربي، وجلبوا له كل المثالب الأوربية وأمراضها، وبعدما فشلوا في قلب نظام الحكم والتحكم في ملوكه وشعبه، ناصبوا العداء للجميع باسم الحداثة والتقدم والعالمية، وروجوا لمصطلحات المساواة والعدالة والحرية والتسامح، ليقوموا باستعباد المغاربة وتدمير مقدراتهم الروحية وحضارتهم المادية، وإلا كيف يتم إقصاء اللباس الوطني من وسائل الإعلام العمومية، وتهميش الملحفة الصحراوية وسائر المناشط الإقليمية والجهوية التي تضم حضورا وازنا للخصوصية المغربية المتشبعة بالكرامة والعزة ورفض الإقصاء.
فهل سنستفيق يوما على منع ارتداء الجلباب والقفطان والملحفة في الأنشطة الرسمية قياسا على منعها في الظهور بالإعلام العمومي، قياسا على ما جرى للنقاب والمنقبات ومحلات بيعه وتصنيعه؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاكم الله عنا خيرا شيخنا المفضال السيد ادريس كرم اسال الله العلي القدير ان يكثر من امثالكم ويرفع شانكم ويحقق رجاءكم. لقد اشفيتم الغليل في ردكم على هاؤلاء الظلمة الذين يتآمرون علىاهل الغرب الأطهار
في عفتهم وحياءهم……..احسن ماقيل في شأن النقاب. “”””