حققت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، قطاع التربية الوطنية، خلال السنة الثالثة من تنزيل البرنامج الوطني لتعميم وتطوير التعليم الأولي برسم الموسم الدراسي 2020-2021، تطورا ملموسا في كل المؤشرات ، وذلك بفضل تظافر جهود الشركاء المؤسساتيين وجمعيات المجتمع المدني وكل المتدخلين وانخراطهم بروح وطنية ومسؤولية في إنجاح هذا الورش الوطني الهام الذي اعتبره صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في الرسالة الموجهة للمشاركين في اللقاء الوطني حول التعليم الأولي المنظم بتاريخ 18 يوليوز 2018 القاعدة الصلبة التي ينبغي أن ينطلق منها أي إصلاح بالنظر لما يخوله للأطفال من اكتساب مهارات وملكات نفسية ومعرفية، تمكنهم من الولوج السلس للدراسة، والنجاح في مسارهم التعليمي، وبالتالي التقليص من التكرار والهدر المدرسـي. كما اعتبره في الخطاب الملكي السامي ليوم 29 يوليوز 2018 بمناسبة الذكرى 19 لعيد العرش المجيد من بين التدابير الاجتماعية المرحلية المستعجلة التي يجب على الحكومة الانكباب على إعدادها و”اضطلاعه على نسبة تقدمها بشكل دوري”.
وفي نفس السياق، فإن تقرير اللجنة الخاصة بإعداد النموذج التنموي الجديد بدوره قد أوصى بإرساء منظومة متكاملة للنجاح التربوي، تتضمن خمسة مكونات أهمها تطوير تعليم أولي ذي جودة مرتكز على سياسة قوية للطفولة المبكرة تعطى فيها الأولوية لتنمية شخصية الطفل وتأهيل وتكوين المربيات وتتويج هذ التكوين بشهادات.
وخلال هذا الموسم الدراسي ركزت الوزارة جهودها بصفة خاصة على الجوانب المرتبطة بالرفع من جودة التعليم الأولي وإرساء أسس حكامة ناجعة لمواكبة النمو المطرد لكل مؤشراته :
– في مجال تشجيع الولوج إلى التعليم الأولي
تمكنت الوزارة بفضل انخراط جميع مكوناتها وبدعم من شركائها من الرفع من نسبة التمدرس بالتعليم الأولي لتصل إلى 72.5 %، لتتجاوز بذلك النسبة المستهدفة ب5 ونصف نقطة، والتي كانت محددة في البرنامج الوطني في 67 في المئة، علما بأنه في سنة 2017 لم تتجاوز نسبة التمدرس في هذا الطور من التعليم 45,6 %، حيث تمكنت الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين من توسيع قاعدة التعليم الأولي العمومي بحصة بلغت 33 % بزيادة 20 نقط بالمقارنة بالحصة المسجلة خلال سنة انطلاقة البرنامج الوطني وتقليص قاعدة التعليم غير المهيكل االذي انخفضت تراجعت حصته من 63% سنة انطلاق البرنامج إلى 37 % خلال الموسم الدراسي2020-2021 أي بفارق 26 نقطة.
وفيما يخص تحقيق تعليم أولي دامج، تم احداث أقسام دامجة ببنيات التعليم الأولي بالمؤسسات العمومية تتوفر على المواصفات التقنية، من حيث الولوجيات والتجهيزات الملائمة التي تسمح باستقبال الأطفال في وضعية إعاقة، حيث تم في إطار الشراكة مع مؤسسة للاأسماء للصم والبكم إحداث وتجهيز حجرات بمدن طنجة وفاس ومراكش كمرحلة أولى في أفق تعميم التجربة على باقي مدن المملكة.
كما ينبغي التذكير بالمساهمة المهمة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية في هذا المجال من خلال برمجة بناء 10000 وحدة للتعليم الأولي وتأهيل 5000 وحدة أخرى بالمناطق القروية الهشة وذات الخصاص على مدى 5 سنوات وكذا تحمل نفقات تسيير كل بنية محدثة لمدة سنتين.
– في مجال الارتقاء بجودة التعليم الأولي
انصبت مجهودات الوزارة خلال هذا الموسم الدراسي على ملاءمة فضاءات التعليم الأولي وتجهيزاتها مع طبيعة وخصائص التعليم الأولي وتطبيق المرجعيات والموجهات التربوية المتضمنة في الإطار المنهاجي للتعليم الأولي، وكذا تعزيز وتقوية القدرات المهنية للموارد البشرية العاملة بمجال التعليم الأولي، إلى جانب توفير الموارد البشرية الكافية، حيث تمت تعبئة ما يقارب 13138مربية ومربيا لتسيير13172 قسما بالمؤسسات التعليمية العمومية، فضلا عن توفير المربيات والمربين، وتنظيم دورات تكوينية لفائدتهم ترتكز على مستجدات الإطار المنهاجي الجديد، بالإضافة إلى تكوينات أخرى في مجالات مرتبطة بالتعليم الأولي، وبلغ عدد المستفيدين من هذه التكوينات خلال الموسم الدراسي الحالي 19421 مستفيدة ومستفيد.
وفي إطار إرساء نظام للتكوين المستمر والأساس، أنجزت الوزارة وبتعاون مع منظمة اليونيسيف دراسة تشخيصية لوضعية التكوين المعمول به من طرف مختلف الفاعلين وخلصت إلى توصيات تدعو إلى وضع منظومة موحدة للتكوين الأساس ومنظومة موازية للمصادقة على المكتسبات المهنية للمربيات والمربين وذلك من أجل توفير الشروط القانونية لتثمين التجربة الميدانية التي يتوفرون عليها وخلق حافز لجذب الكفاءات وتوفير شروط للاستمرار في العمل في هذا المجال.
– في مجال تحسين حكامة التعليم الأولي
اتخذت الوزارة مجموعة من التدابير تتعلق أساسا ب:
o تنظيم وتأطير مسطرة منح الدعم المالي للجمعيات المكلفة بتدبير أقسام التعليم الأولي المدمجة في المؤسسات التعليمية العمومية والعمليات الخاصة بإبرام اتفاقيات الشراكة بينها وبين الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وفق قواعد حكامة جيدة تقوم على المردودية والنجاعة وربط المسؤولية بالمحاسبة، ومحددة بأهداف، وغايات، واضحة، وكذا تتبع التزامات الجمعيات الشريكة بتشغيل المربيات والمربين وفق المقتضيات المنصوص عليها في مدونة الشغل كاحترام الحد الأدنى للأجر والتصريح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وغيرها من الحقوق المقررة لفائدة الأجراء؛
o تبني مقاربة التدبير بالمشروع التي بمقتضاها تم تخصيص المشروع رقم 1 من حافظة مشاريع تنزيل مقتضيات قانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والذي يصبو إلى تحقيق ثلاثة أهداف استراتيجية وهي:
أولا: تعميم تعليم أولي منصف ودامج؛
ثانيا: الارتقاء بجودة التعليم الأولي؛
ثالثا: تحسين حكامة تدبير مجال التعليم الأولي وضمان استدامة التمويل.
o إعادة تنظيم مراكز موارد التعليم الأولي بشكل يسمح لها بالقيام بمهام واختصاصات أوسع، وذلك عن طريق الارتقاء بها إداريا إلى مستوى قسم بالأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وإلى مستوى مصلحة بالمديريات الإقليمية تشرف حصريا على مجال الارتقاء بالتعليم الأولي، وتقوم بمهام تقوية قدرات الموارد البشرية العاملة بمجال التعليم الأولي، من حيث دعم قدراتها المهنية ومواكبتها للمستجدات البيداغوجية وطرق التنشيط وغيرها ، كما تختص هذه المراكز بتدبير وتأطير مجال التعليم الأولي في كل جوانبه جهويا وإقليميا، إلى جانب مهام مرتبطة بالبحث والتوثيق وتقييم جودة التعليم الأولي وغيرها من العمليات ذات الصلة بمجال التعليم الأولي؛
o إرساء النظام المعلوماتي “رائد” لتتبع مستوى تنفيذ التدابير الواردة في هذا المشروع الذي يمكن المشرفين عليه مركزيا وجهويا وإقليميا من تطعيمه بالمعطيات وتتبع وتيرة الإنجاز بشكل دوري.
إن تحقيق النتائج السالفة الذكر جاءت ثمرة المجهود المالي الذي تم بذله من طرف جميع المتدخلين في هذا الورش الوطني من فاعلين عموميين وقطاع خاص وكذا جمعيات المجتمع المدني والجماعات الترابية وغيرها من خلال توفير الموارد المالية لتوسيع العرض التربوي وتغطية نفقات التسيير, وفي هذا السياق فإن الحكومة ، ابتداء من سنة 2019، خصصت اعتمادات مالية مهمة لمجال التعليم الأولي. بحيث ارتفعت هذه الاعتمادات من 1350 مليون درهم برسم سنة 2019 الى 1547.9 مليون درهم برسم سنة 2021 أي بزيادة 15%.
وإذ تقدم وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي هذه الحصيلة الإيجابية، فلازالت تواجهها تحديات ورهانات كبيرة لأجل إرساء تعليم أولي منصف وذي جودة، وتراهن على كسب هذه الرهانات قبل الآجال المحددة لذلك، بفضل مواصلة انخراط مختلف الفاعلين والشركاء من القطاعات الحكومية المعنية والقطاع الخاص وجمعيات المجتمع المدني ، مما سيساهم في إنجاح هذا الورش الوطني الكبير، خدمة لوطننا الحبيب ولطفولتنا المبكرة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.