بمناسبة بِدعة الدعوة للصلاة بغير القرآن المنزَّل التي ظهرت في بعض الدول الإسلامية بإفريقيا الغربية
هوية بريس – د.عبد العلي الودغيري
القرآن الذي أُمِر المسلمون بالتعبّد به في صلواتهم، هو ذلك المنزَّل على نبيّهم بلسانٍ عربّي مُبين، المحفوظ بين دّفّتي المصحف الشريف بألفاظه وأصواته وتراكيبه كما أُنزِلت من رب العالمين. أما غيرُ ذلك مما يُترجِمه الناسُ إلى لغاتهم ولهجاتهم في محاولة لتقريب بعض معانيه لمن لا يفهم العربية، فلا يسمى قُرآنًا على الإطلاق، وما هو بكلام الله المطلوب التعبّد بتلاوته، وإنما هو كلامُ بَشَري يُنسَب لمن كتَبَه وصاغَه وركَّبَه على طريقته وبأسلوبه الخاص، من المسلمين أو غير المسلمين. فقد ترجمَ القرآن كثيرٌ ممن ليسوا على ملة الإسلام من نصارى وغيرهم.
ثم إن القرآن ليس عبارةً عن مجموعة من المعاني والمضامين يمكن فصلُها عن ألفاظها وطريقة تركيبها وتأليفها كما هو حاصل في كتب غير المسلمين، وإنما خاصِّيتُه التي يتفرَّد بها عن غيره من كتُب الديانات الأخرى، وهي أحد وجوه إعجازه، أنه نسيجٌ مكوَّن من لُحمة اللفظ وسَدَى المعنى. هل يمكن للثوب أن يسمى ثَوبًا إذا لم يقع فيه نَسْجُ اللُّحمةِ بالسَّدَى؟ فما بالك بالنصّ القرآني المتفرِّد بنَسْجه ونَظْمه، المُعجزِ بلفظه ومعناه اللذين لا ينفصلان ولا يتجَّزآن؟
فمن اعتقد بعد هذا، أن ترجمة القرآن إلى أية لغة من اللغات أو لهجة من اللهجات، مهما بلغت تلك الترجمة من الدقة والفصاحة والبلاغة، مساويةٌ ومُكافِئةٌ لنص المصحف الأصلي المنزَّل بلسان عربي، وأنه بذلك يجوزُ التعبُّد بهذه الترجمة في الصلاة، فهو جاهِلٌ إن كان يجهل، ودَجّالٌ كذّابٌ مُحتال فَتّان، إن كان يعلم ويُخفي ما يعلم، لزرع الفتن بين المسلمين وإلهائهم عن قضاياهم المصيرية، والرجوع بهم إلى مناقشة أمر من الأمور التي فرَغَ منها علماؤُهم منذ زمن بعيد. حتى لا ينشغلوا بما يُصلحون به أحوالَهم ومجتمعاتهم وبلدانهم، ويُحصِّنون استقلالَهم، ويَرصّون به صفوفهم، ويحقّقون وحدتَهم.