بوكمازي: أيهما أولى بالاتباع والاعتماد ما جاء في كلام وزير الأوقاف أم ما جاء به وزير العدل؟

28 ديسمبر 2024 13:01
فضيحة.. منيب (زعيمة الرفاق) تمارس الإقصاء وترفض أن يشاركها برلماني من البيجيدي منصة ندوة حول الإجهاض!!

هوية بريس- رضا بوكمازي (قيادي في حزب العدالة والتنمية)

كباقي المغاربة تابعت اللقاء التواصلي للحكومة الخاص بعرض المضامين الرئيسية لمراجعة مدونة الأسرة، هذا اللقاء الذي قدم خلاله السيد وزير العدل عدد من الخلاصات التي رفعتها الهيئة، ومع تسجيل التحفظ على الطريقة التي لم يحترم عبرها وزير العدل موقعه ومسؤوليته في تقديم خلاصات عمل الهيئة للرأي العام، جاء في مضمون هذا الخلاصات: “رابعا- إجبارية استطلاع رأْي الزوجة أثناء تَوثيق عقد الزواج، حول اشتراطها عدم التزوج عليها، من عدمه، والتنصيص على ذلك في عقد الزواج. وفي حال اشتراط عدم التزوج عليها، فلا يحق للزوج التعدد وفاء منه بالشرط؛ وفي حال غياب هذا الاشتراط، فإن “المبرر الموضوعي الاستثنائي” للتعدد، سيُصبح محصورا في: إصابة الزوجة الأولى بالعقم، أو بمرض مانِع من المعاشرة الزوجية، أو حالات أخرى، يُقدرها القاضي وفق معايير قانونية محددة، تكون في الدرجة نفسها من الموضوعية والاستثنائية”

وبالعودة إلى العقل الفقهي المغربي قد يجد الإنسان صعوبة في تفهم إجازة مثل هذه التعديلات وجعلها تتسرب إلى المنظومة التشريعية، لكونها ببساطة تُحول الحلال والمباح إلى مصاف الحرام الفعلي وتقيد ما هو متاح بنص قطعي الدلالة، لاسيما وأن أمير المؤمنين كان حاسما في هذا الأمر وأعلن منذ الوهلة الأولى لانطلاق ورش مراجعة مدونة الأسرة عن عدم إمكانية تحريم الحلال.

وبعد الرجوع إلى تدقيق تفاصيل ما جاء في تصريح وزيري الأوقاف والعدل أثناء الندوة الصحفية فإذا به يظهر التعارض الواضح والبين بين ما جاء في كلمة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية وماجاء به وزير العدل.

إذ أن الكلمة التفصيلية للسيد وزير الأوقاف والشؤون الاسلامية والتي قدمت بعناية وتركيز شديدين والمتعلقة بتقديم المعطيات ذات الصلة بالرأي الشرعي الذي رفعه المجلس العلمي الأعلى لأمير المؤمنين يمكن توزيعها بين مسائل عشرة استجابت فيها لجنة الفتوى استجابة تامة، وثلاث مسائل أعطت فيها اللجنة حلولا بديلة توافق الشرع وتحقق المطلوب واعتبرت أنه من الأفضل الأخذ بها، ومسألتين أعطت فيهما اللجنة حلولا بديلة توافق الشرع وتحقق المطلوب ويمكن لولي الأمر أن يقرر فيها ما يراه محققا للمصلحة ومسألة أعتبر المجلس أنه لا يمكن تجاوز رأي لجنة الفتوى فيها إلا بقرار من ولي الأمر باعتبار المصلحة وهي إدراج شرط موافقة الزوجة الأولى في التعدد لعدم مشروعية ذلك، فضلا على تمسكه بالمذهب المالكي مطالبا بالمحافظة على المادة 400 من مدونة الأسرة الحالية.

وفي نفس التصريح أكد السيد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية “أن العلماء قدموا فتواهم في موضوع مدونة الأسرة وصدروها بالحيثيات المتعلقة بالاجتهاد وذيلوها بالتفويض لأمير المؤمنين، وذلك لكونه إمام الأمة الأعظم وولي أمرها، يتخذ كل ما يراه مناسبا لحماية الدين والملة ولسياسة الدنيا به؛ ولحفظ وحدة الأمة ورعاية مصالحها ودرء المفاسد عنها، غير أن أمير المؤمنين لم يستعمل هذا التفويض، مما يفيد أنه يضع ثقته في العلماء ويحملهم مسئولياتهم”.

وهو ما يفيد أن كل الآراء التي رفعت إلى أمير المؤمنين من قبل المجلس العلمي الأعلى والتي من ضمنها عدم جواز إدراج شرط موافقة الزوجة الأولى في التعدد.
ويفيد هذا الكلام أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال الانتقال بمجال الحلال المباح إلى الحرام الممنوع حكما، وأن قيد ذلك مرتبط بما هو وارد في النص الشرعي المحدد في شرط العدل، ولا يمكن لإرادة أخرى أن تتدخل في هذا المجال، شريطة تحقق الشرط الأساسي المتعلق بالعدل.

غير أنه بمقارنة ما جاء به وزير العدل من مقترحات بهذا الخصوص مع ما جاء في الفتوى الشرعية، يلاحظ أنه تم تجاوز مضمونها بشكل مباشر وعدم الأخذ بها خاصة وأن فتوى اللجنة العلمية حددت عدم مشروعية إدراج شرط موافقة الزوجة الأولى في التعدد ولم تميز في ذلك بين هل يتعلق الأمر ابتداء أثناء إبرام عقد الزواج الأول أو انتهاء عند الرغبة في سلوك مسطرة التعدد.

وهنا يطرح إشكال جوهري حول مدى تطابق وانسجام ما جاء في الخطابين، هل تجاوز وزير العدل المتفق عليه والمؤسس على منهجية محددة واضحة معالمها ومؤطرة بشكل شرعي وفق اختصاص أمير المؤمنين والذي اعتمد فتوى العلماء بشكل كلي، أم أننا أمام وضعية عدم احترام المتفق عليه.

إن هذه الوضعية الملتبسة وغير الواضحة تبقى في غاية الخطورة وتقتضي من رئيس الحكومة بصفته المسؤول الأول عن تنزيل توجيهات ملك البلاد في إطلاع الرأي العام بشأن مستجدات مراجعة مدونة الأسرة بكل دقة ومسؤولية، فضلا عن إشرافه على صياغة المبادرة التشريعية التي ستعرض على البرلمان قصد مناقشتها والمصادقة عليها، أن يتدخل بشكل مستعجل لإعادة الأمور إلى نصابها أو على الأقل التواصل بشكل شفاف وواضح حول الأسباب الكامنة وراء اعتماد الصياغة التي جاء بها وزير العدل في ظل عدم إجازة لجنة الافتاء لذلك.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M