بويخف لعصيد: حديثك عن تعطيل آيات قرآنية رغم استحالته نظريا ولا عمليا أمر مستفز للشعور الديني عند أغلب المغاربة
هوية بريس – عبد الله المصمودي
تحت عنوان “همسة في أذن صديقي عصيد: بتعطيل العمى الإديلوجي قد ننجح في محاربة التطرف والارهاب”، كتب الصحافي حسن بويخف مقالة ناقش فيها العلماني المتطرف أحمد عصيد، بعد دعوة الأخير إلى تعطيل ما أسماه “آيات الجهاد من القرآن الكريم”.
رئيس تحرير يومية التجديد سابقا كتب في جدار حسابه على فيسبوك “صديقي أحمد، جميل أن تبذل جهدا فكريا في محاربة التطرف الديني، فهذا مشترك كبير بين بعض العلمانيين الصادقين وقاعدة عريضة جدا من الاسلاميين. لكن مقارباتك الفكرية والإديلوجية صديقي بعيدة كل البعد عن طرح أية معالجة ممكنة، فمثلا مطالبتك بتعطيل آيات الجهاد كمدخل لوقف التطرف و الارهاب أقرب إلى عمل كاريكاتيري. فماذا تقصد بالتعطيل؟ هل نحدفها من القرآن في كل نسخه المتداولة في العام، وننشر مصحفا خاليا منها؟ أم ننفخ في الناس جميعا “روحا” تجعلهم لا يقرؤون تلك اليات ولا يقربونها؟ أم ماذا؟ هل تعلم صديقي أحمد أنه لو اجتمع من على الأرض جميعا من علماء فـ”أفتوا” بتعطل آيات الجهاد جميعها لما غير ذلك من الأمر شيئا؟ هل تعلم لماذا؟ لأن القرآن لا يقرأه صناع التطرف والارهاب بعد إذن أية جهة، ولا يفهمونه توقيفا على ما يقول هذا العالم وذاك.
صديقي عصيد، لو تمهلت حتى تستوعب ظاهرة التطرف وآليات اشتغالها لعلمت أن هناك صناعة قائمة للتطرف والارهاب، ولما انزلقت إلى شبهة استهداف النص الديني أينما وجد: في المصحف، وفي الكتاتيب القرآنية، وفي المقررات الدراسية، وفي …
صديقي المحترم، التطرف ليس وليد نص ديني يدعو إلى العنف وإن كان يدور حوله، ولكنه وليد توظيف لذلك النص الديني لإشباع انحراف فكري ونفسي، أو لتحقيق غايات سياسوية وإديلوجية كما يفعل الارهاب العالمي اليوم. وحتى لو لم توجد نصوص دينية من ذلك النوع فاعلم سيدي أن التطرف سيجد له إديلوجية مناسبة في مكان آخر، وقد شهدت الانسانية أشكالا كثيرة من التطرف والارهاب لا علاقة لها بالدين والنص الديني. بل رأينا تطرفا علمانيا خطيرا، يومن أصحابه بالمادية الجدلية!
صديقي، بما أنه يستحيل نزع ذلك النص الديني وإلغائه وتعطيله، فينبغي التوجه إلى “صناعة التطرف” التي تسيء توظيف ذلك النص الديني. لكن صديقي، في قضية الارهاب، من يسيء توظيف النصوص الدينية، وخاصة آيات الجهاد، هل هم العلماء، والكتاتيب القرآنية والمقررات الدراسية؟ أم هي المواقع الجهادية على الأنترنيت؟
صديقي أحمد: آيات الجهاد، قرأها ويقرأها وسيقرأها الملايير من الناس، قرأتها أنت، وقرأتها أنا وقرأها جميع من يقرأ هذه التدوينة في هذه اللحظات، فهل أنت متطرف ديني؟ وهل نتوقع منه عملا إرهابيا؟
في كل محاولاتك التنظيرية لمحاربة التطرف الديني لا تثير دور الانترنيت الحاسم فيها، رغم أن واقع الارهاب والتطرف اليوم يؤكد ذلك بما لا يدع مجالا للشك، لما؟ هل لأنك تخشى من تعطيل الأنترنيت؟ وهل سيكون سويا أن نطالب بتعطيل الانترنيت لمحاربة الارهاب والتطرف؟
هل تعلم صديقي عصيد أن التطرف، بما هو انحراف فكري، ينشء أشخاصا غير متوازنين، يقومون بردود فعل عنيفة؟ إذا علمت هذا صديقي فستعلم أن مقارباتك لا تعالج شيئا في موضوع التطرف، لأنها بكل بساطة تستفزه وتغديه.
صديقي: إن المتطرفين الذين يقرؤون ما تكتبه لا شك ستصدر عنهم ردود فعل عنيفة تختلف درجات عنفها من متطرف إلى آخر، لكن ما تكتبه سيكون العامل المشترك في توليد ردود الفعل تلك. فحديثك عن تعطيل آيات قرآنية، رغم استحالته نظريا ولا عمليا، أمر مستفز للشعور الديني، ويحرف النقاش عن الأفيد للمجتمع، وهو محاربة التطرف، إلى الغرق في الجدل الاديلوجي الذي لا يخدم سوى أجندات سياسية وإديلوجية تعلمها جيدا.
مع التحية والتقدير”.