بيان الهيئات العلمائية حول التصريحات العدائية لوزير الداخلية الفرنسي
هوية بريس – متابعة
تابعتْ هيئات ومؤسسات علماء المسلمين الموقِّعة على هذا البيان التصريحات العدوانية، الصادرة عن وزير الداخلية الفرنسي (جِيرالدْ دارْمانانْ) يوم الجمعة الماضي (20-05-2023)، والتي زعَم فيها أنَّ ما دعاه “الإرهاب الإسلامي السُّنِّي” هو أكبر تهديد لفرنسا. ثم وسَّعَ مساحة التحريض والعِداء، في محاولة منه لدفْع الدول الغربية الأخرى إلى تبنِّي رؤيته العليلة، فزعم أن أوروبا تواجه نفس الخطر الذي تواجهه فرنسا، كما اختار أن يُدْلي بهذه التصريحات المنكرة أثناء زيارته للولايات المتحدة بغرض التنسيق الأمني.
وهذه النبرة الاستفزازية ليست بالأمر الجديد على وزير الداخلية الفرنسي، ولا على المسؤولين في الحكومة الحالية.، وهي نبرة تتبنَّى منهج التجريم بالهُويَّة الجماعية، خلافاً لما تقتضيه جميع الشرائع السماوية والقوانين المرعية، فتتعمَّدُ التعميم في الأحكام الجائرة، وتتقَصَّدُ الإساءة إلى دين الإسلام، في مسعًى خائب إلى محاصرة الحضور الإسلامي المتعاظم اجتماعيا وثقافيا في فرنسا، وفي غيرها من الدول الغربية.
لكن الجديد في هذه التصريحات الأخيرة هو تقصُّد استهداف أهل السنَّة تحديداً بالتشويه والتشهير، وهم عامة الأمة ومن سطروا تاريخ الإسلام ونشروا حضارته ، وهم السَّوادَ الأعظمَ من المسلمين، والعُمْقَ البشري والتاريخي لدين الإسلام.
إن وزير الداخلية الفرنسي بهذه التصريحات العدوانية المستفِزَّة، التي تربط اسم الإسلام وجمهور المسلمين بالإرهاب، إنما يعبِّر عن نفسيته المتعصِّبة المعقَّدة، وضيقِ أُفُقه السياسي، وخلفيته الاجتماعية القاتمة، وعُقْدةِ إثبات الذات لديه، وهي العُقْدة التي تدفعه إلى ادِّعاء الأصالة الثقافية الفرنسية، والنَّقاء العِرْقي الفرنسي، وهو المتحدِّر من أسرة مختلطة الأعراق (من أجدادٍ أرْمنييِّن، ويهودٍ مالْطيِّين، وعساكر بجيش الاحتلال الفرنسي في الجزائر). كما تكْشِف تصريحاته عن منهج التَّطْفيف المتأصِّل في ثقافة طائفة من النُّخَب السياسية الفرنسية، التي تزْعُم الدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان، ثم تُعامِل المسلمين بجوْرٍ واستعلاءٍ، وتنتهك حقوقهم الإنسانية، وتستهزئ بمشاعرهم الدينية، وتسعًى لمحاصرتهم وحشْرهم في الزاوية.
إن السعي إلى عزل المسلمين عن بقية المجتمع الفرنسي، ومعاملتهم بتطفيفٍ وازدواجيةٍ في المعايير، يرادُ منه بناء حواجز نفسية تمنع من التعارف الإنساني بينهم وبين غيرهم، وتَحُول دون التعرُّف على دين الإسلام، ووصول نوره إلى القلوب في أجواء من التعايش والطمأنينة والحوار الحضاري البنَّاء، وقد ظهر هذا التطفيف في نشاط الوزير الفرنسي من أول يوم، حين بدأ تولِّيه منصبه عام 2020 بزيارة أكبر المعابد اليهودية في باريس، والتصريح بأن “الهجوم على يهود فرنسا هو هجوم على الجمهورية”، لكنه لم يعامل المسلمين بإنصاف قطُّ، بل ناصبهم العداء، وتزعَّم عام 2021 التسويق لمشروع القانون سيِّء الصيت، الذي عُرف إعلاميا باسم “قانون الانفصالية الإسلامية”، وهو قانون فرنسي جائر، يتهم المسلمين الفرنسيين بالروح الانفصالية، ويقيِّد حريَّتهم في التعبير، والعبادة، والتعليم، واللباس، وفي حماية أطفالهم من الموبقات التي تستشري في الجسد الاجتماعي الفرنسي والأوروبي.
إن علماء المسلمين ومؤسساتهم الموقِّعة على هذا البيان:
1. ترفض رفضا قاطعا ربط وزير الداخلية الفرنسي (جيرالد دارمانان) بين الإرهاب والإسلام، أو بين الإرهاب وعموم المسلمين من أهل السنَّة والجماعة.
2. تدعو النخب السياسية الفرنسية إلى التخلي، عن الغطرسة والاستعلاء الثقافي في التعامل مع المسلمين، وإلى احترام دين الإسلام وعقائده وقيَمه.
3. تؤكد أن الوجود الإسلامي في فرنسا وجودٌ شرعيٌّ وباقٍ، رغم أنف المستأْسِرين لمواريث الماضي الاستعماري، ومُثيري الفتن، ومُؤجِّجي صراع الأديان والحضارات.
4. تدعو المسلمين الفرنسيين والغربيين إلى الانخراط في العمل السياسي، وإسماع صوتهم، وتكثيف وجودهم في الفضاء العام، وتحدِّي المواقف المتحيِّزة، والتصريحات المستفِزَّة.
5. تدعو مسلمي العالم إلى الوقوف بصلابة في وجه التَّطفيف الفرنسي، والتصدِّي لحملات التشويه والتشهير الفرنسية، بكل الوسائل السِّلمية والقانونية.
وأخيراً نذكِّر الوزير (جيرالد دارمانان) وغيره من قادة النخبة السياسية الفرنسية أن الإسلام في فرنسا لم يعُدْ ظاهرة مهاجرة، أو ضيفا عابراً، بل هو عقيدة يدين بها اليوم عُشْر الفرنسيين، كما أنه ديانة عالمية يؤمن بها خُمْس البشرية، وليس أمام النُّخب السياسية الفرنسية سوى أحد خيارين: إما القبول بالإسلام جزءاً من ثقافة فرنسا وهُويَّتها، وبالمسلمين مكوِّناً من مكونات النسيج المجتمعي الفرنسي، واحترام مشاعر المسلمين عبر العالم.. وإما الاستمرار في التضييق على الإسلام، والتمييز ضد المسلمين، واستفزاز الأمة الإسلامية بتصريحات فجَّة خرقاء.. ثم تحمُّل مسؤولية ذلك ونتائجه، على الاقتصاد الفرنسي، وعلى مكانة فرنسا المنْحسِرة، وعلاقاتها المتوتِّرة بالعالم الإسلامي.. والله من وراء القصد وهو الهادي سواء السبيل.
الموقعون:
1. الهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلامﷺ
2. منتدى العلماء
3. رابطة علماء المغرب العربي