بيان لـ 2000 باحث فرنسي: فرنسا ارتكبت جرائم العنف الاستعماري ..
هوية بريس – متابعات
دان نحو ألفي باحث في رسالة مفتوحة نشرت في صحيفة “لوموند” الفرنسية الدعوة إلى “فرض الرقابة على حرية الفكر في الجامعات”، والتي وقعها 100 أستاذ دعما لأفكار وزير التعليم الوطني جان ميشيل بلانكر حول “اليسارية الإسلامية”.
ويستخدم اليمينيون في فرنسا مصطلح “اليسار الإسلامي” عند الحديث عن الاتفاق السياسي المزعوم بين الإسلاميين واليساريين في البلاد، وخاصة حول قضايا كالحجاب واستقبال اللاجئين.
وكان بلانكر قد أدلى يوم الخميس 22 أكتوبر الماضي بتصريحات لإحدى المحطات الإذاعية، قال فيها إن اليسارية الإسلامية موجودة بالجامعات، والنقابات مثل الاتحاد الوطني للطلبة، وأنها تلحق أضرارًا بتلك الأماكن. وزعم الوزير أن اليساريين الإسلاميين يدافعون عن أيديولوجيا تتسبب في حدوث أسوأ الأشياء.
وجاء بيان الأساتذة الداعم للوزير ليعتبر أن “الأيديولوجيات المناهضة للعنصرية والاستعمار حاضرة للغاية في الجامعات الفرنسية، مما يؤجج كراهية “البيض” وفرنسا؛ ويؤدي لنشاط عنيف في بعض الأحيان” معتبراً أن “استيراد الأيديولوجيات المجتمعية الأنجلوساكسونية وأفكار التوافق الفكري والصواب السياسي يشكل تهديدًا حقيقيًا لجامعاتنا”.
وأكد بيان الباحثين أنه “بعد قراءة بيان الـ100 الذي يناشد فرض الرقابة على حرية الفكر في الجامعات، نحن نعلم أننا لن نستطيع إقناع الموقعين عليها بالعكس، لكن لا يمكن أن نبقى مكتوفي الأيدي إزاء مثل هذه الدعوات، لا سيما بعد استعارة مصطلحات خاصة باليمين المتطرف لوصف “اليسارية الإسلامية”، التي نعتها وزير التعليم الفرنسي ميشيل بلانكر بـ”التدميرية”.
“كراهية البيض وفرنسا”
وأضاف الباحثون في بيانهم “يجب أن يعلم الأكاديميون الذين كتبوا هذه الوثيقة أنه لا يكفي توظيف العبارات غير الملائمة التي لا جدوى منها، بل ينبغي تقديم حجج منطقية، لأن هذه العبارات من المرجح أن تنقلب عليهم في نهاية المطاف. من الأفضل أن نتعامل بحذر مع اتهامات من قبيل “الامتثال الفكري” و”الخوف” و”الصوابية السياسية”، لأنها في الحقيقة تنطبق على الأشخاص الذين يوجهونها”.
وتابع البيان أن بيان الـ100 أستاذ يدعي ظهور تيار من الدراسات والأفكار في الجامعات “يغذي كراهية البيض وفرنسا”. لكن السؤال المطروح: كيف يمكن أن تؤدي دراسة الهويات المتعددة والمتقاطعة، والقمع والنضال من أجل التحرر إلى ظهور مثل هذه النزعات والمشاعر المشحونة بالكراهية؟ مشيراً إلى أن بيان الـ100 لا يحمل إجابات على هذه الأسئلة ويقدم افتراضات خاطئة.
وأردف بيان الباحثين “إننا نعرف أن تاريخ فرنسا متنوع وحافل، بوجود النضال من أجل إرساء الحرية والمساواة والقانون؛ ولكننا لا يمكن أن ننكر أيضا ارتكاب فرنسا الكثير من جرائم العنف الاستعماري والاجتماعي وممارستها أشكالًا رهيبة من القمع”.
مقترحات متناقضة
وإذ يقترح “بيان الـ100” أمرين، فهو من جهة يدعو إلى محاربة تيار كامل من تحليل المجتمعات، بينما يطالب من جهة أخرى بتشكيل هيئة رقابية للدفاع عن الحرية الأكاديمية، بحسب بيان الباحثين.
ويقول بيان الباحثين إن الموقعين على بيان الـ100 لا يدركون مدى تناقض مقترحاتهم “لإنشاء هيئة رقابية للدفاع عن الحرية الأكاديمية”، وإلى أي مدى تُداس الحريات بالأقدام عند الدعوة إلى إنكار الدراسات والأفكار، مضيفا أن “السعي لفرض رقابة على حرية التعبير ليس أمرًا غير مقبول فحسب، بل يحط من قدر المبادئ ذاتها التي يدعي بيان الـ100 الدفاع عنها، وهي مبادئ الجمهورية والحرية”.
وختم بيان الباحثين بالقول إنه من المروع أنه في وقت الحداد على ضحايا الهجمات “الإرهابية”، وفي الوقت الذي ينبغي فيه دعم حرية التعبير، يستغل الأكاديميون الوضع لتصفية الحسابات واتهام زملائهم بالتواطؤ مع الإرهاب، “لكن هذا لن يمنعنا من الدفاع عن النهج المفتوح والنقدي والمتسامح، وسنواصل دعم مبادئ التحرر والكرامة في مواجهة العنف والكراهية”. (الجزيرة، لوموند)
إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ