بيان منتدى الكرامة لحقوق الإنسان حول إعفاء مجموعة من الأطر من مهامهم دون مسوغ قانوني
هوية بريس – عبد الله المصمودي
توصلت “هوية بريس” بنسخة من بيان منتدى الكرامة الذي يدين فيه إعفاء مجموعة من الأطر من مهامهم دون مسوغ قانوني، وإليكم نص البيان:
“يتابع منتدى الكرامة لحقوق الإنسان باهتمام بالغ حملة الإعفاءات الأخيرة التي شملت تغيير أو تنقيل المواقع الإدارية والوظيفية لعشرات الأطر والكوادر من مهندسين ومدراء مدارس ومفتشين ومستشارين تربويين ومسؤولين في الإدارة لعدد من القطاعات العمومية وخاصة منها: الفلاحة والمالية والتعليم.
وقد وقف المنتدى على أن القاسم المشترك بين أغلبية الأطر هو انتماؤهم لجمعية جماعة العدل والإحسان، وقد سجل المنتدى، من خلال جمع وربط المعطيات والشهادات المتوفرة من طرف الموقوفين، أن عدد الأطر الذين تم إعفاؤهم يبلغ 108، دون تحديد الأسباب الموجبة قانونا للإعفاء من المسؤولية والمحددة قانونا بمقتضى نصوص قانونية واضحة, أحاطها المشرع بمجموعة من الضمانات لحماية الموظفين من كافة أشكال التعسفات التي قد تطال مسارهم المهني، وعلى هذا الأساس فإن منتدى الكرامة لحقوق الإنسان يؤكد على ما يلي:
أولا: يسجل أن هذه الإعفاءات تمت بدون سند قانوني او مسطرة قضائية أو تعليل إداري مقنع يثبت تقصيرا في الواجب المهني، وهو ما يجعل هذه القرارات مشوبة بعدم الشرعية وبالشطط في استخدام السلطة.
ثانيا: إن سلطة التعيين في المناصب والمسؤوليات محددة بمقتضى القانون الذي يوضح بشكل لا غبار عليه شروط إعفاء الموظفين من مهامهم حيث نص المرسوم رقم 2.11.681 الصادر في 28 من ذي الحجة 1432 (25 نوفمبر 2011) في شأن كيفيات تعيين رؤساء الأقسام ورؤساء المصالح بالإدارات العمومية في مادته 12 ما يلي: “في حالة ارتكاب رئيس قسم أو رئيس مصلحة لخطأ جسيم، أو في حالة إخلاله بالتزاماته الوظيفية، يمكن لرئيس الإدارة أن يقوم بإعفائه فورا من مهامه بقرار معلل”.
وهو ما يتضح معه أن حالات الإعفاء محددة بمقتضى القانون وبشكل حصري في أسباب محددة على سبيل الحصر تتمثل في ارتكاب خطأ جسيم او الإخلال بالالتزامات الوظيفية ويجب ان يكون القرار معللا وهوما ينتفي إلى حدود الساعة بخصوص الحالات المعفاة من مهامها مؤخرا.
ثالثا: إن سلطة الإعفاء ليست مطلقة وجاء القانون رقم 03.01 بشأن إلزام الإدارات العمومية والجماعات والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية مما يكون معه القرار مشوبا بالشطط في حالة عدم التعليل حيث جاء في المادة الأولى من القانون: “تلزم إدارات الدولة والجماعات المحلية وهيآتها والمؤسسات العمومية والمصالح التي عهد إليها بتسيير مرفق عام بتعليل قراراتها الإدارية الفردية السلبية الصادرة لغير فائدة المعني المشار إليها في المادة الثانية بعده تحت طائلة عدم الشرعية، وذلك بالإفصاح كتابة في صلب هذه القرارات عن الأسباب القانونية والواقعية الداعية إلى اتخاذها.
وبالتالي فالإدارة ملزمة بتعليل قراراتها الإدارية من أجل إضفاء الشرعية على قرارتها بعيدا عن كل أشكال الشطط والتعسف.
رابعا: إن كل تعليل يجب ان يخرج عن صيغة الكلمات الفضفاضة إذ ان عبارة “إنتهاء المصلحة “التي وردت في رسائل الإعفاء لا تفي بالغرض ولا تعتبر تعليلا لقرار إداري ،يتعلق بتغيير وضعية إدارية يحكمها القانون إذ ان التعليل يعني الإشارة في صلب القرار إلى المراجع القانونية المعتمدة وإلى الأسباب الواقعية والمادية المباشرة، والحرص على إحاطة القرار بجميع ما يثبت ادعاء الإدارة تحت طائلة عدم الشرعية.
إن المكتب التنفيذي لمنتدى الكرامة وبناء على المعطيات المتوفرة بخصوص طريقة التعامل مع هذه الفئة من الموظفين الذين تم إعفائهم من مهامهم دون اعتماد المساطر القانونية المحددة لشروط الإعفاء من المسؤوليات والمهام يطالب بما يلي:
أولا: الوقف الفوري لحملة الإعفاءات غير القانونية في حق هؤلاء الأطر بالنظر إلى عدم قانونيتها وللشطط الذي رافقها، ويعتبرها إعفاءات غير قانونية، وغير شرعية وغير مبررة وغير معللة، ويعتبرها قرارات مرفوضة يجب إلغاؤها مع ما يترتب على ذلك قانونا في حق جميع المتضررين من هذه الوضعية التي لم تعد مقبولة ببلادنا، خصوصا مع ما تتطلع إليه من إصلاحات بنيوية على عدة مستويات ومنها المستوى الإداري الذي خصه جلالة الملك بمكانة خاصة أثناء افتتاحه للسنة التشريعية الجديدة .
ثانيا: فتح تحقيق شامل حول الأسباب الحقيقية التي أدت إلى هذه الوضعية والتي أثرت على الوضع الاعتباري والنفسي لهذه الفئة من الأطر التي تم إعفاؤها من مهامها، وما شكله ذلك من صدمة لدى الرأي العام الوطني خصوصا وان رسائل الإعفاء لم تشر إلى الأسباب الحقيقية لهذا الإجراء وهو ما ترك الباب مفتوحا للعديد من التأويلات بخصوص ظرفية اتخاذه وانتماءات اغلب المعنيين بهذا القرار لتيار فكري وسياسي معين.
ثالثا: ضرورة احترام القانون وضمان حقوق المواطن كيفما كان انتماؤه الفكري والسياسي وخصوصا ما يتعلق بالحق في الوظيفة العمومية وفي الترقي الوظيفي بناء على الكفاءة والأهلية، وبناء على الولاء للقانون وللمقتضيات الدستورية العليا.
رابعا: يدعو إلى انخراط كافة المعنيين في نقاش عميق لإصلاح الإدارة بما يضمن جودة المرفق العمومي وتأهيل موارده بالكفاءات على اساس المواطنة فقط والتي تضمن تكافؤ الفرص واختيار أفضل الطاقات البشرية لتقديم خدمة عمومية جيدة للمرتفقين تتجاوز السلبيات الموجودة وتساهم في تحقيق التنمية الإدارية المنشودة.
خامسا: يثمن منتدى الكرامة لحقوق الإنسان عاليا روح اليقظة لكافة لمكونات المدنية والحقوقية التي تفاعلت بمسؤولية مع واقعة الإعفاء التي طالت العديد من الأطر، والتي تشكل اعتداء سافرا على حق من الحقوق الأساسية للمواطن وهو الحق في الترقي الوظيفي وتمثل تمييزا بين المواطنين، ويعبر عن ثقته في القضاء الإداري وقدرته على إلغاء هذه القرارات انتصارا للعدالة وإنصافا للضحايا وتكريسا لدولة القانون التي تمثل فيها أحكام القضاء المستقل عنوان العدالة والإنصاف”.