بيان من رابطة الأدب الإسلامي العالمية إلى الأدباء والمفكرين عن الحرب العدوانية على غزة
هوية بريس – متابعات
من خلال بيان لها، قالت رابطة الأدب الإسلامي العالمية “تقوم آلة الحرب الجهنمية الصهيونية النازية منذ 7 أكتوبر 2023، بالعمل على تدمير غزة، وإبادة من فيها، من الأطفال والنساء والشيوخ، وتخريب ما فيها من المؤسسات المدنية، من مستشفيات، ومدارس، وكنائس، ومساجد، ومن مقرات هيئات دولية، مثل الأونروا، والصليب الأحمر، وغيرهما، مما خلّف ما يزيد على عشرة آلاف من الشهداء، وعلى عدد كبير جدا من الجرحى، أطفالا ونساء ورجالا وشيوخا، دون أن يعبأ الصهاينة ــ كعادتهم ــ بالقرارات الأممية[1]، والمحاكم الدولية، ولا أن يراعوا حرمة المؤسسات، ولا القوانين الدولية، ولا أن يلقوا بالا لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وغيرها من المنظمات الدولية، ولا حرّكتهم المظاهرات الشعبية التي تعمّ العالم، من الأميركتين حتى أستراليا، ضاربين عرض الحائط بجميع نداءات وقف إطلاق النار. كما أن أكثر الأنظمة العربية والإسلامية، رغم ما يصدر عن مؤتمراتها من قرارات، بقيت عاجزة عن دعم أهل غزة الصامدة، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى أهلها، عبر معبر رفح الذي لم يفتح حتى الآن بشكل دائم، رغم النداءات الإنسانية المتكررة، مما منع من وصول ما يحتاجه القطاع، من طعام وشراب ودواء ووقود، وغير ذلك من الحاجات الإنسانية، مما يعرض أهل غزة إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة”.
وسجلت ذات الرابطة بكل حزن وألم تقصير بعض المؤسسات الإعلامية التي تقع في فخ الآلة الصهيونية، غفلة أو قصدا، ولاسيما بعض وسائل الإعلام الأجنبية الناطقة بالعربية، التي تسمي الأمور بغير تسميتها الحقيقية، كالحديث عن الشهداء بصيغة “القتلى”، وكالحديث عن “المدنيين” في الكيان الصهيوني.
وإن من مظاهر “الكوميديا السوداء” أن ترسل بعض الجهات إلى أهل غزة أكفانا، وكأنهم يقولون لهم: موتوا وسنتولى تكفينكم ودفنكم.
لذلك كله، دعت رابطة الأدب الإسلامي العالمية، الأدباء والمفكرين وحملة الأقلام الحرة، إلى القيام بمسؤوليتهم الملقاة على عاتقهم، وتهيب بهم أن ينهضوا نصرة للحق، ورفعا للظلم عن المستضعفين، الذين قال فيهم الله سبحانه وتعالى: (وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا) النساء:75
وبناء على هذا، ذكّرت الأدباء والمفكرين وسائر أهل القلم بأن من جوهر رسالتهم ما يلي:
1 ــ نصرة أهل غزة والمسجد الأقصى المبارك بأقلامهم، وذلك بتسخيرها لبيان ما يقوم به المعتدون الصهاينة النازيون من أفعال دموية همجية، وتصرفات وحشية، في حق أهلنا في غزة، وفي فلسطين، كل فلسطين. وهي جرائم في حق الإنسانية لم يشهد التاريخ لها مثيلا.
2 ـــ وقف جهودهم الأدبية والفكرية في هذه المرحلة بخاصة على قضية رفع المعاناة عن إخوانهم وأهليهم في غزة وفلسطين، وتأجيل كل اهتماماتهم ومشاغلهم الأدبية والفكرية الأخرى، إلى ما بعد هذه المرحلة.
3 ــ العمل على نشر الوعي بين جماهير الأمة العربية والإسلامية، وغيرها من جماهير العالم من أصحاب الضمائر الحية، وتبصيرهم بحقيقة ما يجري في فلسطين، ولا سيما في غزة، وبيان أن ما يقع تحت أبصارهم وأسماعهم ما هو إلا صراع بين محتلّ غاشم، ومستعمر بغيض، طارئ على أرض فلسطين، قادم من أصقاع مختلفة من العالم، وبين الفلسطينيين أهل الأرض الأصليين، الذي لهم الحق الشرعي، والقانوني، والإنساني، والطبيعي، للدفاع عن وجودهم، ضد من يسعى إلى استئصالهم من أرضهم، وإبادتهم، إما عن طريق التهجير، وإما عن طريق التدمير.
4 ــ تدعو الرابطة أصحاب الأقلام الحرة في العالم إلى الضغط على دولة الصهاينة المعتدية، وعلى جميع من يناصرها ويدعمها، عسكريا، وإعلاميا، وسياسيا، واقتصاديا، وذلك بالدعوة إلى مقاطعة كل منتجاتهم، الاقتصادية، والإعلامية، والفكرية، والفنية، وغيرها، وقد تبين أن هؤلاء هم عُبّاد مال، وإن من شأن المساس بعصب المال أن يردعهم عن غيهم، ويجعلهم يعيدون حساباتهم، عسى أن يرتدعوا عن رؤيتهم الضالة، ومواقفهم الظالمة.
5 ــ أن يبصّروا العالم بأن التاريخ علّمنا أنه لا تجتمع صفة المحتلّ وصفة المدني في شخص واحد. فكل محتلّ هو بالضرورة محارب. فالصهاينة كلهم محاربون، لأنهم محتلون، وليس فيهم من مدني. وقد أمرت الشرائع السماوية والقوانين الوضعية بأن نحارب من يحاربنا، ونسالم من يسالمنا. والذي يحتلّ أرضنا، ويعتدي على مقدساتنا، هو محارب لنا بالضرورة. فإن فاء ورجع وترك أرضنا فنحن له مسالمون. (وإن عدتم عدنا).
6 ـــ على الأدباء والمفكرين أن يقاطعوا كل صور التطبيع ويناهضوه، سواء أكان التطبيع سياسيا، أو اقتصاديا، أو ثقافيا، أو إعلاميا. وإنه لن يُعذَر أحد ممن يسارع في التطبيع والمطبّعين خوفا أو طمعا. وينبغي نصحُ الحكام الذين بادروا إلى التطبيع، بالكلمة الطيبة، وتبصيرهُم بأن التطبيع لم يجلب لهم أي خير، ولن يجلب لهم أيّ خير، بل إنهم خسروا، وسيخسرون بلا ريب، بسبب التطبيع، قلوب شعوبهم التي فطرت على رفض أي صورة من صور التطبيع مع الكيان الصهيوني المغتصب للمسجد الأقصى وأكناف المسجد الأقصى.
7 ـــ على الأدباء والمفكرين مقاطعة وسائل الإعلام الأجنبية الناطقة بالعربية، الموالية للعدوّ الصهيوني، ودعم الإعلاميين الأحرار الذي وقفوا مع الحق في تلك المنابر، واستنكار معاقبتهم بالعزل، أو بمحاكمتهم، والضغط على تلك الوسائل الإعلامية كي تنصف إعلاميّيها الشرفاء الأحرار، وعليها أن تنشر الحقائق، وتلتزم بأخلاق المهنة الإعلامية التي ترتكز على حرية الرأي، وتلتزم بنقل الأخبار بموضوعية.
8 ـــ وإن من أخطر ما ينبغي الالتفات إليه ومحاربته هو الأذرع الصهيونية ــ الأخطبوطية التي صارت تمتدّ إلى عدد من الدول العربية، ويعهد إليها بمسؤوليات حساسة بشكل رسمي داخل مفاصل الدول، بدعوى أنهم “يهود مواطنون”. وإذا كنا مدعوين إلى التعامل مع أهل الكتاب بالحسنى، اقتداء برسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، وبخلفائه الراشدين، حيث مات الرسول صلى الله عليه وسلم ودرع له مرهونة عند يهودي، وأسقط عمر الجزية عن شيخ يهودي لعجزه عن الأداء، فإن من سنته عليه السلام، وسنة الخلفاء الراشدين، عدم تولية أحد من أهل الكتاب على أمر من أمور المسلمين. وقد ورد أن خالد بن الوليد، رضي الله عنه، أشار على عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، بأن يستعمل كاتبا نصرانيا، لا يقوم خراج الشام إلا به، فقال له عمر: لا تستعمله[2].
وأما ما سوى ذلك من الأمور فهم مواطنون، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم.
وعلى هذا فإن معركتنا مع الصهيونية ــ النازية ليست في فلسطين فحسب، بل خارجها أيضا.
9 ــ دعوة أولئك الذين اغتروا بالدعاية الصهيونية الآثمة، من أبناء جلدتنا، فراحوا يمكنّون للصهاينة النازيين اقتصاديا وإعلاميا في بلداننا، إلى التوبة والتراجع عن السير في طريق الضلالة التي جرهم إليها الوهم الصهيوني بدعوى التعايش والتسامح والسلام.
10 ــ على الأدباء والمفكرين التعبير عن رفضهم القاطع إلصاق تهمة الإرهاب بالمقاومة الفلسطينية الباسلة، وتأكيد أنها جزء أصيل من الشعب الفلسطيني الذي يمارس حقه المشروع في مقاومة المحتلّ الغاصب حتى تحرير أرضه كلها، ونيل حريته، وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على ترابه الوطني، وعاصمتها القدس الشريف.
11 ــ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:” كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”. وإن على الأدباء والمفكرين مسؤولية تبصير من هم تحت أيديهم، أو من هم على علاقة بهم، بأن الصراع في فلسطين هو صراع بين الحق والباطل، لا بين اليمين واليسار، ولا بين الفقراء والأغنياء، ولا غير ذلك من وجوه الصراع، وأنّ الحقّ هو مع أصحاب الأرض الشرعيين، وأن الباطل هو المحتلّ المغتصب للأرض. وقد علّمنا التاريخ الحديث والمعاصر، أن الشعوب حين تستيقظ وتثور مطالبة بحقها فإنها تنتصر لا محالة، وأنّ الاستعمار دائما إلى زوال. وليست قضية التحرير والتحرر في فلسطين بدعا بين الشعوب. وإن شعلة الإيمان المتقدة في صدور المقاومة هي رمز انتصار الحق ودحر الباطل، والله جل وعلا يقول في سورة الإسراء: (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)اهـ
وحرر بوجدة في29 ربيع الآخر 1445هــ /الموافق لــ 13 /11/2023
أ.د. حسن الأمراني الحسني، رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] كان أول ضحايا الصهيونية من الممثلين الأمميين الديبلوماسي السويدي الكونت فولك برنادوت، وهو من العائلة الملكية السويدية، وقد ترأس الصليب الأحمر، وأرسلته الأمم المتحدة وسيطا بين العرب واليهود، لكن الصهيونية اغتالته في 17 سبتمبر 1948
[2] بقية الخبر: فكَتَبَ خالد: ” إنَّهُ لَا غِنَى بِنَا عَنْهُ ” فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ ” لَا تَسْتَعْمِلْهُ ” فَكَتَبَ إلَيْهِ ” إذَا لَمْ نُوَلِّهْ ضَاعَ الْمَالُ ” فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – ” مَاتَ النَّصْرَانِيُّ وَالسَّلَام “وفي الكشاف للزمخشري أن الذي اقترح على عمر كاتبا نصرانيا هو أبو موسى الأشعري.
:
شكرا جزيلا للرابطة على هذا البيان التضامني.