بين أرقام التوفيق وفقهاء “روتيني اليومي”!

17 أغسطس 2025 18:03
بلاغ مهم من وزارة الأوقاف لمن يهمه الأمر

بين أرقام التوفيق وفقهاء “روتيني اليومي”!

هوية بريس – متابعات

أعلن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، أن وزارته تعمل على تنزيل برنامج وطني لتأهيل أئمة المساجد، في إطار خطة ميثاق العلماء تحت إشراف المجلس العلمي الأعلى، بمشاركة أزيد من 1400 مؤطر، يستفيد منه حوالي 48 ألف إمام سنويا.

وبلغة الأرقام أعلن التوفيق عن برنامج، يتحدث عن نسب حضور تتجاوز 94%، وعن مخططات تكوين تمتد لسنوات، تشمل حتى التدريب على لغة الإشارة.

لكن خلف هذه المعطيات الرسمية، تظل أسئلة حارقة مطروحة بإلحاح: أين أثر هؤلاء العلماء والوعاظ في الميدان؟ وأين يتجلى حضورهم في مواجهة ما يمس الشباب مباشرة من شبهات فكرية وشهوات سلوكية تهدد أمنهم الروحي واستقرارهم النفسي والأسري؟

الواقع، كما يحذر الخبراء، أن حضور العلماء الرسميين محدود وضعيف جدا، خاصة في القضايا التي تُعاش يوميا على الهواتف الذكية ومنصات التواصل. فالغزو الرقمي لم يعد مجرد فضاء هامشي، بل أصبح قوة مهيمنة تغيّر المفاهيم والقناعات، وتعيد تشكيل أنماط التفكير والسلوك. هذا التحول يهدد البنية الاجتماعية ويضع الوحدة العقدية للأمة على المحك.

في المقابل، يبدو أن المؤسسة الدينية ما تزال منشغلة أكثر باللقاءات الداخلية وتدبير الشأن التقليدي للمساجد، دون الانفتاح بجرأة على التحديات الرقمية، ودون تقديم خطاب عملي وجاذب للشباب القلق والمضطرب.

المطلوب اليوم ليس فقط الإدلاء بأرقام من أجل الاستعراض وتقديم أجوبة لبعض فرق المعارضة، ولا بذكر نسب الحضور وبرامج تكوين متكررة، بل القيام بمبادرات نوعية تُخرج العلماء والمرشدين من جدران المساجد إلى الفضاء الرقمي، وتجعل صوتهم مسموعا ومؤثرا في الساحة التي تُخاض فيها المعركة الحقيقية على العقول والقلوب.

غير أن المثير في هذا المشهد، أن بعض التيارات اللادينية ومنابر إعلامية لم تُخف إعجابها بإنجازات وزير الأوقاف أحمد التوفيق، التي تصفه بمارتن لوتر المغرب، وترى فيه تجسيدا لتوجه يخدم رؤيتها في تحييد الدعاة والعلماء عن النقاش العام، وحصر أدوارهم داخل زوايا ضيقة مرتبطة بالتدين الفردي، بعيدا عن قضايا المجتمع الكبرى أو مواجهة التحولات القيمية والفكرية.

هذه الأصوات ذهبت إلى حد اعتبار مواقف التوفيق انتصارا لنهجها، ووصفت إحدى هذه المنابر التي سبق ووصفت صلاة التراويح بالفوضى الوزير بهازم “فقهاء روتيني اليومي”، في إشارة ساخرة إلى شيوخ وعلماء غير رسميين لا يرتضون سياسة الوزير بعزل المنبر عن واقع الناس.

وهنا يطرح سؤال: هل نحن أمام لحظة ثناء صريح على وزير الأوقاف، أم أمام اتهام مبطن لسياساته التي سبق أن عبّر عنها داخل قبة البرلمان بقوله: “نحن علمانيون”؟

بهذا المعنى، يصبح موقع التوفيق داخل هذا السجال ملتبسا؛ وذلك حين يناصره ويدافع عنه لا دينيون، ويثنون على سياسته التي يعتبرونها تسهّل مهمتهم في عزل العلماء عن مجالات المدافعة والسجال، وترك المجال مفتوحا أمامهم ليعيثوا فسادا في مفاهيم المغاربة وعقائدهم، وتصوراتهم للكون والحياة والإنسان.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
7°
19°
السبت
20°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة