بين «أمانديس» و«نقل المدينة»
سفانة إراوي
هوية بريس – الأربعاء 11 نونبر 2015
إن كان من شيء يحتاج تنديدا واستنكارا فتلك الشركات المتسلطة على مجتمعنا لتبخسنا كنز الكرامة والفضيلة بما تفرضه علينا -تحت وطأة الخوف والحاجة واعتياد الصمت- من ضعف الخدمات واستهتار بالحقوق وإماتة للقيم..
شركة النقل العمومي ”نقل المدينة” المغربية ليست أخف ضررا من شركة خدمات الماء والكهرباء ”أمانديس” الفرنسية، وإن لم تكن تجدر المقارنة بينهما لاختلاف الخدمات المقدمة، لكنها تجدر حتما في الحديث عن جودة هذه الخدمات، فإن كانت الفرنسية بما امتلكته من كبرياء السلطة الأوروبية تضعف كاهل سكان طنجة بالفواتير الباهضة وغير المعقولة، فإن الشركة المغربية تضعف كاهلنا نحن سكان البيضاء بقلة الحافلات في الخطوط المطلوبة والاستهتار بالتنظيم في توزيعها هذا غير الدرهم الذي أضافته للتذكرة قبل مدة بدون سابق إنذار(الرفع بنصف درهم مثلا)..
خذ مثالا على ذلك حال طلبة جامعة الحسن الثاني المستخدمون لخط 144، الفاصل بين ”آنفا” وحي ”النسيم” والمار ب”عين الذئاب” و”الحي الحسني” ثم “الألفة” و”الكليات” وكذلك ”ليساسفة” و.. يعني أن الاحتياج إليه أكبر من أن يختزل في الطلبة وحدهم وفي ثلاث أو أربع حافلات منه فقط، يضعف التنسيق بينها، لتصبح الحافلة علبة نقل عمومية ترى أرواحا معلقة على حافة بابها ترفض المكوث نصف ساعة إلى ساعة حتى تأتي الحافلة الأخرى فتضيع مواعيدها وأعمالها..
ولكم أن تتخيلوا وضع الإنسانية داخل تلك العلبة التي لا تتوفر على أدنى شروط احترام المرء بأن يقف معتدلا مستنشقا للهواء، بله أن تحترم خصوصية النساء والفتيات وهن في ضيق من مجاورة -أو بالأحرى ملاصقة- الجنس الآخر، هذا طبعا غير الضيق النفسي والخوف نتيجة غياب الأمن وكثرة حوادث السرقة في مثل تلك الأجواء الحميمية.. فإن لم تكن شركات البلد المدعية خدمته، الأرحم بنا والأحسن إلينا، فما ظننا بالشركات الأجنبية وكبريائها المعهود؟؟
لكننا مع كل ذلك لا نملك إلا أن نشكر شركات النقل العمومي في مغربنا السعيد على تلك الإعلانات الراقية المزينة لحافلاتها، على الأقل نوهم أنفسنا أثناء الصعود أننا أمام نقل الثلاثة نجوم، يكفينا الحلم لنعيش الجمال!!