بين “الخلافة السنية” و”ولاية الفقيه”.. نقاش بين الشيخين الكتاني وبنكيران

هوية بريس – متابعات
أثار الشيخ الحسن بن علي الكتاني جدلا فكريا بتدوينة نشرها على صفحته بالفيسبوك، تناول فيها مسألة ولاية الفقيه عند الشيعة الإمامية ومقارنتها بمفهوم الخلافة عند أهل السنة والجماعة، معتبرا أن صيغة “ولاية الفقيه” تمثّل من حيث الجوهر انتقالا ضمنيا إلى التصور السني القائم على “انتخاب الأكفأ”، مما يجعلها -بحسب رأيه- حلا كان من الممكن أن يردم الفجوة بين الفرق الإسلامية، وينهي الخلاف حول الإمامة.
وكتب الشيخ الكتاني في تدوينته: “إن فكرة ولاية الفقيه في نهايتها نفس فكرة أهل السنة في الخلافة القائمة على انتخاب الأكفأ بشروط معروفة، ولذلك قال الباحث أحمد الكاتب -وفقه الله- إن ولاية الفقيه كان ينبغي أن تكون حلا نهائيا للخلافات بين فرق المسلمين، وفكرة قاضية على فكرة الإمامة من جذورها.”
وأضاف رئيس رابطة علماء المغرب العربي: “العجيب أن أهل السنة والجماعة يتخلون عن السعي لتطبيق فكرتهم في الخلافة الراشدة، بينما ينجح غيرهم في فرض تصوره السياسي… نحن أولى بالرجوع إلى تراثنا لإحيائه، واستئناف السعي نحو إقامة خلافة راشدة على منهاج النبوة”.
هذا وعقّب الدكتور رشيد بنكيران، المتخصص في أصول الفقه ومقاصد الشريعة، على تدوينة الشيخ الكتاني بقوله:
“إن الخلط بين مفاهيم الإمامة والخلافة وولاية الفقيه يُضعف التحليل”، مشددا على التباعد الجذري بين هذه التصورات الثلاثة في الفكر الإسلامي.
وأضاف د.بنكيران: إن “الإمامة عند الشيعة أصل ديني يقوم على العصمة والنص، ولا يقوم على الشورى أو البيعة، وهذا ما يميزها تماما عن الخلافة السنية… أما ولاية الفقيه فهي نيابة عن الإمام المعصوم الغائب، وليست نظاماً يقوم على التمثيل أو الإجماع أو الرأي العام”.
وأشار إلى أن وصف “ولاية الفقيه” بأنها تقارب “الخلافة السنية” هو توصيف “غير دقيق وبعيد جداً”، لأن النظام الإيراني لا يقوم على قاعدة تعاقد اجتماعي، بل على اعتقاد بتمثيل “الإرادة الإلهية” من خلال نائب الإمام.
هذا وقد استشهد الشيخ الكتاني بآراء أحمد الكاتب، الباحث العراقي المعروف بانتقاده لنظرية الإمامة الشيعية، معتبرا أن الكاتب يرى في “ولاية الفقيه” تجاوزا للإمامة المعصومة. إلا أن الدكتور بنكيران ردّ بأن الكاتب نفسه يعتبر “الولي الفقيه” امتدادا للنظرية الإمامية لا قطيعة معها، لكونها تفترض وجود نيابة مطلقة عن الإمام الغائب.
وختم الدكتور بنكيران تدوينته بالتأكيد على أن الخلاف مع الشيعة الإمامية “ليس خلافا سياسيا فقط بل عقدي ومنهجي وأخلاقي”، مع رفض دعوات التقريب العقائدي التي أثبتت فشلها وخسارة أهل السنة فيها، وإن كان لا يمانع من “تنسيق مصلحي مشروط في ظروف محددة وتحت سلطة شرعية راشدة”.



