بين حماية فن العِيطة والزليج وحماية الأمن الروحي للمغاربة!

06 يوليو 2025 23:20

هوية بريس – نبيل غزال

مشاهد مخزية ومقرفة تم توثيقها مع الإعلان عن مهرجانات الصيف لهذه السنة (2025)، ويبقى أبرزها ما تابعه المغاربة على مواقع إعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي خلال فعاليات مهرجان موازين إيقاعات العالم في نسخته الأخيرة.

حيث ساد جو من التسيب والميوعة والانفلات الأخلاقي الخطير، وانتشار للمخدرات والقرقوبي والسكر العلني والعري والتحرش وإزعاج للساكنة بمدينتي الرباط وسلا إلى أوقات متأخرة من الليل.

وكل هذه المخالفات القانونية والموبقات الشرعية وقعت أمام أنظار السلطات المعنية والجهات المنظمة للمهرجان، التي لا تحترم لا قدسية المساجد التي تُنصب قبالتها منصتها بسلا، ولا الظروف الصحية لكثير من المرضى الذين يعانون بمصحات ومستشفيات على بعد أمتار من منصات المهرجان المثير.

أما من يزعجهم صوت الأذان وتلاوة القرآن؛ ممن خرجوا من قبل منددين بصلاة التراويح ووصفوها بـ”صلاة الفوضى”، وممن يعتبرون طقوس عيد الأضحى تخالف السلوك المدني، فلم ينبسوا ببنت شفة حيال ما يجري من مخالفات للقانون بمدينتين يقطنهما ملايين المواطنين، بل على العكس من ذلك فقد خرجوا يصفقون ويشيدون بالإنجازات الكبرى التي حققها المهرجان ومنظموه؛ غير معقبين حتى بتعليق على فضائح الإغماءات وبيع التذاكر مرتين والارتباك الكبير الذي طبع هذه النسخة من المهرجان.

إن هذا النوع من المهرجانات لا يمثل موسما ثقافيا وفنيا عابرا؛ ولا هو مجرد محطة للترويح عن النفس فحسب؛ بل هو لدى التيار الذي يموله ويدعمه يمثل عقيدة ومنظومة فكرية متكاملة لها أهدافها القريبة والمتوسطة والبعيدة المدى، الغاية من ورائها اختراق البنية المحافظة للمجتمع والعمل على إعادة تشكيل وعيه وثقافته وهويته وانتمائه.

فخلال هذا المهرجان يتم القطع بالمرة مع شيء اسمه المرجعية الإسلامية المنصوص عليها دستوريا، بل مجرد ذكر هذه المرجعية في خضم هذا النقاش يُولّد حالة من الامتعاض وشعورا بالغثيان لدى أتباع التيار المشار إليه آنفا، ذلك أنهم يعتبرون أن الفن “مقدس” ولا يقبل بالمرة أن يخضع لرقابة شرعية أو عرفية أو أخلاقية، وهذا هراء يصدر عمَّن ولى ظهره للمرجعية الإسلامية؛ وجعل من المنظومة العلمانية اللائكية مصدرا لأفكاره وسلوكاته، وقد كشف علماء المغرب من أمثال الشيخ المكي الناصري وعبد الله كنون وعلال الفاسي عوار هذه الأفكار في بداياتها الأولى.

وبمناسبة ذكر العلماء والمصلحين، يتساءل كثير من المواطنين عن حماية الأمن الروحي للمغاربة حيال كل ما يجري في عدد من المدن المغربية اليوم، فهل لا يزال السيد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق يعتبر ما يتم توثيقه من فضائح بالصوت والصورة بمهرجان موازين وغيره من المهرجانات الأخرى مسألة خلافية كما سبق وصرح بذلك من داخل قبة البرلمان؟

وهل مشاهد الفتيات العاريات في الشوارع والطرقات وفضائح الإخلال العلني بالحياء العام، والشباب المخدرين والمقرقبين، ونسب التحرش والاغتصاب و”الأمهات العازبات” والأطفال من زنا؛ لا تحرك فيه ساكنا ولو بأن يخصص خطبة حول الحياء واللباس في فصل الصيف، وعاقبة الزنا وانتهاك الأعراض، وخطر معاقرة المخدرات والخمور في الدنيا والآخرة وعاقبتها على الصحة والأسرة والمجتمع؟

إن حالات التسيب والانفلات ومعاناة العائلات والأسر من هذا الوضع المخل قد فاقت كل الوصف، لكن ما هو أخطر من ذلك، أن تتمدد دائرة الفساد في المجتمع ويتراجع المصلحون والعلماء والدعاة عن القيام بواجبهم المنوط بهم دينا وعرفا وشرعا.

فمن خلال عدد من المحطات والأحداث والوقائع، يبدو أن حماية فن العيطة والقفطان والزليج المغربي باتت مقدمة وبشكل واضح على حماية الأمن الروحي والقيمي والأخلاقي للمغاربة، وأن دائرة الفساد تتسع وبشكل ممنهج ومدروس، ويُمكَّن لأصحابها بكل الآليات والوسائل، ما من شأنه أن يفتت البنية السلوكية والقيمية، ويسهم في تغيير مجتمعي الله وحده أعلم بما يمكن أن يؤول إليه الوضع في المستقبل؛ إن لم تقم المؤسسات المنوط بها حماية التدين والقيم والتربية والأخلاق بواجبها.

{ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين}..

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
7°
19°
السبت
20°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة