بين طوطو ورشيد أيلال

06 يوليو 2025 22:20

هوية بريس – د.أحمد الشقيري الديني

ربما يبدو عنوان هذا المقال غريبا، فقد يتساءل القارئ وما الذي يجمع طوطو أيقونة موازين مع رشيد أيلال العامي الذي ينتقد صحيح البخاري..

وقبل أن نجلي المشترك بينهما نلفت نظر القارئ أن رشيد أيلال أجرى معه موقع مدار21 حوارا مثيرا منذ أسبوع فقط أي مع انطلاق مهرجان موازين، في هذا الحوار اتهم المدعو أيلال النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأنه علماني يفصل الدين عن الدولة، فهل كان الهدف من هذا البالون التغطية على نزق طوطو من خلال إثارة عجاجة إعلامية تحرف الأنظار عن سقوط موازين المدوي؟!

فهذا الرابط الأول بين الحدثين..

ثانياً: طوطو وأيلال كلاهما يمتح من قاذورات الحداثة ومخلفاتها

ثالثاً: طوطو وأيلال يعبران عن وجود مساحة لحرية التعبير ببلادنا لا تضيق بكلام الفحش الذي يوظفه طوطو ولا باتهام الرسول صلى الله عليه وسلم بنعوت لا تحترم شخصه الشريف كما جاء على لسان رشيد أيلال..

لكن لماذا حرية التعبير ببلادنا تضيق بخطيب الجمعة فتلزمه الوزارة الوصية بخطبة موحدة على المستوى الوطني في المدينة أو البادية؟!

ألا يحتاج موازين لخطة تسديد الفن والثقافة على غرار خطة تسديد التبليغ؟!

ألا يحتاج أيلال لكلمة ناصحة تعيده إلى حجمه؟!

طبيعي أن ينتقل أيلال من نقد صحيح البخاري إلى نقد الرسول صلى الله عليه وسلم ومن الكذب على البخاري إلى الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لماذا تعجبون من جرأة أيلال؟

ألم يسبقه عصيد باتهام الرسول صلى الله عليه وسلم بأن رسالته لهرقل رسالة إرهابية، ثم جاء من ينعت مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه صهيوني كما زعم المدعو يوسف أزهاري رئيس جمعية شراكة الصهيونية يتهم فيها النبي صلى الله عليه وسلم بأنه “كان صهيونيا في أوقات معينة“، يصرح بهذا في زيارة له لإخوانه الصهاينة المجرمين.

لعل مجلة إيبدو تغبط المغاربة على هذه المساحة من حرية التعبير ، وهي المجلة التي ضاق عليها الخناق في باريس بلاد الحرية بسبب الكاريكاتير المشؤوم!

نعم في بلادنا يمكن لكل من هب ودب أن يمسح يده في عقائد المسلمين، والويل له أن يتهم وزيرا أو مسؤولا، فقانون تجريم القذف ما صنع إلا لحماية هؤلاء!

أما سب الرسول صلى الله عليه وسلم واتهامه بالعظائم فلا حرج على من ركب موجته.

ونحن بدورنا نستغل هذه المساحة من حرية التعبير لنقول أن من شتم النبي صلى الله عليه وسلم لا يستتاب بل يجري عليه حد القتل..

(فقد أجمع العلماء قاطبة أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم، أو انتقص من قدره، أو احتقره وازدراه بأي نوع من أنواع الازدراء والتنقيص استوجب القتل. لأن هذا الأمر دين، وليس من باب الحرية التي يدندن حولها الملاحدة والزنادقة، وهذا الحكم يشمل كل من طعن في نبي من الأنبياء، لأنه بمثابة طعن خفي في اصطفاء الله لهم، واختياره لحمل رسالاته وتبليغها).

ومن أشهر ما ألف في هذا المجال رسالة شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله “الصارم المسلول على شاتم الرسول” ، حول من سب الرسول وحكم الإساءة للرسول ﷺ، بعد حادثة عساف النصراني سنة 693 هـ/1294م..

وقد قسم رحمه الله رسالته إلى:

-مقدمة

-المسألة الأولى: أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم من مسلم أو كافر فإنه يجب قتله.

-المسألة الثانية: أنه يتعين قتله ولا يجوز استرقاقه ولا المن عليه ولا فداؤه.

-المسألة الثالثة: أنه يقتل ولا يستتاب سواء كان مسلما أو كافرا.

-المسألة الرابعة: في بيان السب المذكور والفرق بينه وبين مجرد الكفر.

غايتنا من هذه الإحالة بيان خطورة الوقوع في حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم بانتقاصه أو قذفه، وقد أمرنا الله تعالى بتعظيمه وتوقيره فقال مخاطبا نبيه وأتباعه ( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا؛ لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)

والمعنى كما قال غير واحد من أهل التأويل: (تعزروه أي تعظموه ، ( وتوقروه ) من التوقير وهو الاحترام والإجلال والإعظام ، ( وتسبحوه ) أي : يسبحون الله ، ( بكرة وأصيلا ) أي : أول النهار وآخره ).

اتهام الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه كان علمانيا يعني أنه لم يقم حدود الله التي أنزلت في القرآن، ولا غرابة أن يصدر هذا الوصف من جهول لا يؤمن بالسنة النبوية ومما جاء فيها عن عائشة أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلمه أسامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أتشفع في حد من حدود الله ثم قام فاختطب فقال: إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد؛ وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها).

وقد أقام حد الزنا على ماعز والغامدية، وهذا كله تنزيلا لأحكام القرآن، كما أنه لم يقرهم على التعامل بالربا الذي كان منتشرا بين اليهود ومشركي العرب، بينما العلمانية تجعل هذه المجالات مما لا يتدخل فيه المقدس بل تترك للعقول والتجربة البشرية وما تراه من هواها..

حتى في السلم والحرب فقد كانت مرجعيته صلى الله عليه وسلم الوحي، فهو نشأ في أمة أمية لا تعرف شيئا من القوانين المدنية إلا بعض الأعراف الجاهلية، فكان الوحي أساس بناء الدولة والأمة والتي استمرت لأزيد من 13 قرنا حتى جاء الاستعمار البريطاني والفرنسي فغير قوانين الشريعة واستبدلها بقوانين مدنية وترك حراسا يحرسون هذا الجهل و الظلم حتى نشأت حركات إسلامية تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية باعتبارها أحكاما شرعية لايجوز تغييرها بحال.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
9°
19°
أحد
19°
الإثنين
20°
الثلاثاء
19°
الأربعاء

كاريكاتير

حديث الصورة