تحدي الفجوة الرقمية أولا وأخيرا ؟
هوية بريس – عبده حقي
تعتبر المعرفة مكسبا وقوة اقتراح ضاربة وصمام أمان في حياتنا اليومية. ومنذ اختراعه قبل عقود أصبح الإنترنت معينا عالميا لا ينضب للمعلومات والعلوم والمعرفة والإعلام . لكن اليوم أصبحت الفجوة الرقمية تقسم سكان العالم بين من يملكون مفتاح الولوج إلى الإنترنت أي التواصل والمعرفة في مفهومها الشمولي ومن هم معزولين عن الربط الشبكي.
منذ أن تم استبدال وسائل الإعلام التقليدية – الصحف والإذاعة والتلفزيون – بالإنترنت والوسائط الجديدة تحولت الفجوة من فجوة المعرفة إلى فجوة رقمية. هذه الأخيرة أصبحت تقسم طبقات المجتمعات لأسباب تقنية أو اجتماعية أو اقتصادية أو غير ذلك حيث بعض هذه الطبقات ليس لديهم المعرفة والمهارات اللازمة لاستخدام أجهزة الكمبيوتر والإنترنت.
هناك عدة مستويات من الفجوة الرقمية : هناك متعلمون يستفيدون من الرقمنة أكثر من الأشخاص الأقل تعليماً . والبلدان الغنية تستفيد وتستخدم وسائل الميديا الجديدة أكثر من البلدان الفقيرة . والشباب أو ما يسمى ب”الفئات الرقمية” تغوص في العالم الرقمي أكثر من كبار السن الذين يعتبرهم الأخصائيون كمهاجرين رقميين ، هذا فضلا عن الفجوة الرقمية بين سكان المدن وسكان القرى.
في السنوات الأخيرة تم إطلاق مشاريع في العديد من البلدان النامية من شأنها أن تساعد في تقليص الفجوة الرقمية وربما سدها في المستقبل . في أكبر مؤتمر أوروبي حول الإنترنت والمجتمع تناولت العديد من المحاضرات والمناقشات قضايا تعميم التمكن الرقمي على سبيل المثال مع كبار السن الذين يتحفظ جلهم على استعمال الإنترنت. وهناك أيضا الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة المحرومين بسبب إعاقتهم من الولوج إلى عالم الإنترنت للمشاركة في المجتمع الافتراضي.
إذا كان الأطفال الصغار في الدول الصناعية يمتلكون هواتف ذكية وأجهزة لوحية فإن مشاريع الإدماج الرقمي في البلدان النامية والسائرة في طريق النمو ماتزال تكافح على واجهتين : إنها تحارب – كما هو واقعها دائمًا – ضد الفقر وتخلف التعليم وبالإضافة إلى ذلك فهي أصبحت تكافح من أجل تعميم بنية التعليم والمهارات الرقمية .
على الصعيد العالمي يعد الاتحاد الدولي للاتصالات بصفته وكالة تابعة للأمم المتحدة المتخصصة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والذي يضم حاليًا 193 دولة عضوًا ، يعد أحد أهم اللاعبين في مشاريع التعميم الرقمي وهي تهدف – هذه الوكالة – إلى ربط جميع سكان العالم بشبكة الإنترنت أينما كانوا وأيا كانت إمكانياتهم المادية . تشير آخر الأرقام إلى أنه مع نهاية 2020 سيكون هناك ما يقارب ثلاث مليارات ونصف من مستخدمي الإنترنت في العالم ثلثهم من العالم النامي ومن المؤكد أنه خلف هذه الأرقام والإحصائيات هناك واقع بشري رهيب إن لم نقل مؤلم ينخره الغبن والحيف بين دول تطورت رفاهية شعوبها بفضل تكنولوجيا المعلومات والوسائط الجديدة ودول فقيرة أغرقتها حكوماتها في الديون والفساد في البر والبحر.