تحرير فلسطين سيعيد إعادة تركيب الأوضاع كما هي وكما يجب أن تكون

هوية بريس – ذ.إدريس الكنبوري
منذ فتحنا أعيننا قبل نصف قرن ونحن نعيش في بيت واحد إلى جانب القضية الفلسطينية. لم يكن بيتا في الحقيقة بل كان زنزانة. في هذه الزنزانة قضينا عمرنا كله وما بقي منه نأمل أن يكون إفراجا بعفو إلهي.
قضية فلسطين صندوق أسرار مفاتيحه في طويات الغيب، لا يفقه ما فيها من كنوز المستقبل إلا الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون. فوجود الاحتلال فيها هو صورة مركزة لوجود الاحتلال في غيرها من الدول العربية، وتحريرها سيكون تحريرا شاملا. لذلك من يشغل نفسه اليوم بالتغيير لاعب يدور في حلبة صغيرة رسمتها له الفيفا، يستطيع أن يقفز ويعلو ويصرخ لكنه لن يغادر الحلبة.
في ظل احتلال فلسطين المواطن العربي مجرد كائن يأكل ويشرب ويحلم لكنه لا يستطيع صنع مصيره، لأن مصيره معلق بغيره. من دون تحرير فلسطين سيظل في قاعة انتظار، إنه مثل أولئك المسافرين الذين سقطت بهم الطائرة في الصحراء، مع الوقت خلقوا مجتمعا وجعلوا عليهم زعيما وظهر بينهم سياسيون وتجار ومثقفون، لكنهم جميعا في مجتمع وهمي يعيشون فيه في انتظار الخلاص، وبينما ينظر بعضهم إلى اليوم الذي يخرجون فيه من الصحراء يرى المستفيدون أن ذلك المجتمع هو المجتمع النهائي الحقيقي، لأن العودة إلى الحياة الطبيعية في المجتمع سيفقدهم مصالحهم.
هذا المجتمع الصحراوي هو المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان العربي، فيه سلطة وحكومات وانتخابات ولكنه مجتمع السقوط من الطائرة.
تحرير فلسطين سيعيد إعادة تركيب الأوضاع كما هي وكما يجب أن تكون، لأن تحريرها يعني زوال إسرائيل التي يتعلق بها المستفيدون من المجتمع الصحراوي. فبعد سقوط الطائرة وظهور المجتمع الصحراوي قسم الناس الأدوار فيما بينهم وأخذ الأقوياء كل شيء وأخضعوا رقاب الآخرين، وصنعوا الديمقراطية التي تناسبهم وشرعوا القوانين التي تخدمهم، وهناك من مات وهو يؤمن أن هذا هو الواقع ومن مات وهو يعرف أنه وهم ومن يعيش على أمل الرجوع.
ملحوظة: نظرا للحظر الذي تعرضت له قناتنا على اليوتيوب نرجو من الجميع الاشتراك في قناتنا الجديدة بالضغط على الصورة مع الشكر.



