تحقيق وزر عدم المنكرين للاعتداء على الأساتذة المتدربين
عبد الرحمن الحاحي
هوية بريس – الإثنين 11 يناير 2016
روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس. ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها. وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا).
الشاهد في هذا الحديث وما يهمنا في موضوعنا الصنف الأول الذين ذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنهم من أهل النار، الذين لم يشهدهم المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حياته وإنما أخبر بوجودهم بعد زمانه فكان إخباره عنهم معجزة من معجزاته، فقد تأخر وجودهم إلى ما بعد زمان الخلفاء الراشدين رضوان الله تعالى عنهم.
فهذا الصنف الذين اتصفوا بصفة من صفات قوم عاد المذمومة والتي نهاهم عنها نبيهم هود عليه السلام كما يخبر ربنا عنه في قوله عز وجل: (وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ) [الشعراء:130]، ذكر جماعة من علماء أهل السنة عبر العصور كما هو ظاهر من لفظ الحديث ومن واقع أحوال الناس في هذه العصور أن هذا الوصف ينطبق على الشرطة والجنود وغيرهم من أعوان الظلمة، الذين يبطشون بالرعية ويقهرونها عن طريق السياط والعصي وغيرها في غير حق شرعي.
وفعل هذا الصنف كما هو واضح من المنكر البواح الذي يجب تغييره بإحدى الوسائل الثلاث التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم، أهونها إنكاره بالقلب وهذا واجب على جميع الأمة (كافة المغاربة) لأنه من الظلم الذي لا يجب أن يُقرَّه مؤمن.
يليه في المرتبة صعودا الإنكار باللسان وهو يجب في حق المظلوم ومن كان في حكمه (الأساتذة المتدربون ورجال ونساء التعليم)، كما يجب في حق أهل الحل والعقد ممن يُعرفون بصوتهم المسموع لدى الخاصة والعامة (العلماء والمفكرون والمثقفون وأهل المشورة في الحكم والإعلاميون…).
وأما أعلى مراتب الإنكار التي ينال أصحابها الأجر الأعظم عند الله تعالى، فهي الإنكار باليد ومفاده القيام برد الفعل الذي يرفع الظلم عن المظلوم ويعطيه حقه بتمكينه من الاقتصاص من الظالم، وهذا النوع من الإنكار يجب على من بيده الأمر والحكم ممن هو قادر على القيام به بقوة الشرع والقانون المصلحي (مدراء الشرطة ووزير الداخلية ورئيس الحكومة والملك أو رئيس الدولة على هذا الترتيب، فإن قَصّر في هذا الإنكار الأول انتقل إلى الثاني واعتُبر المُقصّر أيضا مسؤولا عن هذا المنكر، وإن اتضح أن هذا الحدث ليس نشازا بل ظاهرة وجب اتخاذ كافة التدابير لضمان القضاء عليها واجتثاثها من سن قوانين وعقوبات زجرية وأدوات مراقبة داخل المؤسسة التي تحتضن المسؤولين عنها…).
هذا هو تفصيل واجب الإنكار الشرعي لما حدث لإخواننا الأساتذة المتدربين العُزّل الذين خرجوا صدحاً بحق ليعرفه مسؤولون فيردوه لهم، فجوبهوا بالسياط العصرية الحريصة بدل الجلد على إثخان جلودهم بالجروح وإصابة عظامهم بالرضوض والكسور.
وكل من تهاون في واجب إنكاره فهو آثم موزور لمخالفته الأمر بالإنكار، أما المتقاعس عن الإنكار باليد الذي يجب عليه فهو بالإضافة إلى الوزر الأعظم يُعتبر مشاركا في هذا المنكر حسب منصبه ومسؤوليته، وإذن فهو مشارك له في العقوبة وهي وعيد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم له بالنار واعتباره من أهلها مما يجعل مكوثه فيها طويلا والعياذ بالله أو مؤبدا إن كان لا يشهد الشهادتين. ولن ينفعه ادعاؤه بأنه حاكم بدون سلطة، لأنه عذر أقبح من ذنب، فإن لم تكن له سلطة فما دوره في الحكم إذن وقد أُسند إليه الحكم على أساس إقامة العدل ورفع الظلم وحفظ الحقوق وتحقيق الرفاه للأمة.
وهذا ما أمر الله به خليفته في الأرض حتى تكون خلافته وفق المنهج الرباني الذي سطره له في رسالاته إليه التي ختمتها رسالة الإسلام الذي هو دين الدولة وفق الدستور الذي هو أسمى قوانينها، فاقرؤوا إن شئتم قول أحكم الحاكمين الذي يقتص يوم القيامة للشاة الجماء من القرناء تنطحها: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) [النساء:58].
جزاك الله خيرا أخي على غيرتك على الأساتذة الذين بطش بهم من طرف أجهزة القمع
لكن سؤالي ماهو وجه تأثيم من لم ينكر هذا المنكر، لأن التاثيم يحتاج الى دليل ،اما أن يكون داخل النص، ام عن طريق دليل خارجي تثبت به هذا الأمر .