تدوينة فجّة تعكس الوقاحة والجهل المطبق بمصدر من أهم وأشهر مصادر الفقه الإسلامي
هوية بريس – د. عبد المنعم التمسماني
أثار استغرابي واندهاشي منشور مستفز لشابة -لعلها مسيحية- يحمل العنوان المذكور أسفل هذه التدوينة مع صورة الكتاب المفترى عليه وعلى صاحبه، وهو: (لك أن تتخيل أن هذا الكتاب -تقصد “المغني”، لابن قدامة- المكون من 16 جزءا لتحريم الأغاني عند المسلمين، لماذا كل هذا؟؟).
لقد توهمت هذه المتسرعة الغبية أن هذا الكتاب بمجموع أجزائه يتناول موضوع الغناء؛ لأنها قرأت عنوانه خطأ: (“المغنّي” بضم الميم وفتح الغين وكسر النون المشددة)!!!
يالها من بلادة وغباوة وجهالة… !!!
كيف تتجاسر هذه المدونة على الادعاء بكل وقاحة ونذالة أن هذا السفر الصخم بمجلداته الستة عشر مؤلف في تحريم الغناء ، مع أنها لم تستطع ضبط عنوانه، بل صحّفَته بما غير معناه جدريا…؟!!!
ما أقبح وأشنع العجلة والتسرع في إصدار أحكام عن جهل وهوى…!!!
إن هذه التدوينة الفجّة المستفزة تعكس شدة وقاحة صاحبتها، وصفاقة وجهها، وجهلها المركب بمصدر من أهم وأشهر وأنفس مصادر الفقه الإسلامي، وهو كتاب (المغني) – بضم الميم وسكون الغين- ، لابن قدامة المتوفى سنة عشرين وستمائة (620ه) ، الذي شرح به “مختصر الخرقي” ، الذي يعتبر العمدة في الفقه الحنبلي . والحقيقة أن هذا الكتاب ليس كتاب مذهب فقط، بل هو موسوعة جامعة في (فقه الخلاف العالي) أو ما يسمى عند المعاصرين بالفقه المقارن ، جمع فيه صاحبه مذاهب علماء الأمصار ، وذكر فيه مسائل الإجماع وأدلة الخلاف والوفاق، ومآخذ الأقوال والأحكام … بحيث لا يستغني عنه متفقه ولا محدث ولا راغب في فقه السلف من الصحب الكرام والتابعين وتابعيهم من أئمة الفقه في الدين… ولذلك، سماه (المغني) ، فهو -حسب مؤلفه- يغني عن غيره من مظان الفقه، وخاصة الفقه الحنبلي . ويقع الكتاب في 15 مجلدا حسب طبعة دار هجر ، التي حققها د. عبد الله بن عبد المحسن التركي و د. عبد الفتاح الحلو، وهي أفضل طبعاته ، ويقع في 16 مجلدا حسب طبعة دار الحديث المنشورة …
ومما زاد من استغرابي واندهاشي وأحزنني وأشجاني هو إعجاب عدد جم من أبناء وبنات المسلمين بهذه التدوينة الكاذبة المفترية المستفزة …!!! ، مما يعكس بجلاء ذيوع الجهل المطبق بأشهر مصادر الفقه الإسلامي وكذا بغيرها من مصادر العلوم الإسلامية الأخرى في أوساطهم …
فالواجب على كل مسلم أن يكون واعيا، كيسا فطنا، بحيث يتحقق من صحة ما ينشر من تدوينات في مختلف المجالات، قبل إبداء الإعجاب بها ، وأن لا يكون(إمّعَةً) ، بحيث يسارع إلى الإعجاب بكل ما ينشر مما يعجب به غيره…
ولولا خشية ازدياد التأثر والانخداع بهذه التدوينة السخيفة من طرف الكثريرين من أبناء وبنات المسلمين الجاهلين بدينهم عموما وبمصادر فقهم الثري خصوصا لما كتبت هذا التعليق المقتضب…
والله ولي التوفيق والهادي إلى سواء السبيل.