ترامب وضم كندا.. تفسير تصريح مفاجئ!

14 يناير 2025 12:26

هوية بريس- محمد زاوي

تفاجأ كثيرون من حديث الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عن ضم كندا وجعلها الولاية رقم 51 في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد تفاقمت التخوفات بتزامن هذا التصريح مع تصريحات أخرى لدونالد ترامب توعد فيها بشراء غرينلاند (جزيرة دنماركية) وباسترجاع معبر “بنما”.. وكما هو متوقع دائما، انتفض الذين لا يعرفون ما يقع داخل أمريكا محذرين من “ترامب الإمبراطوري”، وهم في الحقيقة لا يحذرون إلا من ترامب الاقتصادي، أو لنقل “ترامب الصيني” (ترامب على الطريقة الصينية)، متمسكين من حيث لا يشعرون بنموذج أمريكي مجرب في الشرق الأوسط والجزء الأوراسي من العالم خاصة، عن طريق افتعال الحروب والاستثمار فيها.. لا يعجبهم ترامب الذي يشتري ويبيع بوضوح، لأنهم يعشقون من يشتري ويبيع تحت الطاولة (السوق السوداء)..

وبالتالي فقد غاب عن ذهنهم التفسير الحقيقي بتصريحات ترامب بضم كندا، وراحوا يتحدثون عن “الإمبراطورية الترامبية” التي تهدد العالم، وكأننا كنا نعيش في أمريكا المنكفئة على ذاتها.. والحقيقة أن ترامب نقيض للطابع الإمبراطوري “السيء” للولايات المتحدة الامريكية، ولكنه لا يريد الخسارة، يريد البيع والشراء والاستثمار.. يريد إمبراطورية على الطريقة الصينية، هيمنة اقتصادية عوض الرهان على سيطرة سياسية وعسكرية أنهكت الاقتصاد المدني الأمريكي.

كيف تفسر التصريحات ضد كندا إذن؟ هذه بعض التفسيرات:

-ضغط ترامب على المسؤولين الحاليين لكندا: ولذلك فقد أثارت تصريحاته ردود فعل غاضبة عند بعضهم، وهو ما أدى ربما إلى الانتقادات التي تعرض لها رئيس الحكومة الكندي قبل أن يستقيل.. تصريحات ترامب بمثابة إشارة إلى “الدولة العميقة” في كندا بتغيير طريقة تدبيرها لعدد الملفات، وهو ما سينعكس -وقد بدأ- على مواقع ومناصب عدد من المسؤولين الكنديين. تصريح ترامب بمثابة تهديد لكندا، فهي مطالبة بتغيير سياساتها تماشيا مع سياساته الاقتصادية والثقافية حتى لا تبقى كما كانت متنفسا سياسيا واقتصاديا لنقيض “الجمهوريين” و”المجمع الصناعي المدني” في الولايات المتحدة الأمريكية.

-مواجهة تأثير نقيضه الأمريكي في كندا: تُعرف كندا بالدعم الكبير الذي تقدمه للمثلية الجنسية، كما أنها تسمح أكثر من غيرها من دول القارة بأنشطة الجمعيات الداعمة للشذوذ الجنسي، وفيها مراعاة كبيرة لما تسميه “حقوق المثليين”.. هذا بغض النظر عن الأصناف الأخرى من الشذوذ التي تسمح لها كندا بالانتشار فيها، وهو الأمر الذي يرفضه “المحافظون/ الجمهوريون” في أمريكا، فيما يدعمه “الديمقراطيون” وجمعياتهم ولوبياتهم وشركاتهم. ولا يستبعد أن تكون هذه الجمعيات والشركات أكثر نشاطا في كندا.. ومما تُعرف به كندا أيضا، استقبالها للاجئين السياسيين والحقوقيين المدافعين عن أطروحة “الديمقراطيين” خارج أمريكا، وكأنها مكلفة بهذه المهمة دون غيرها..

-الرغبة في توسيع الاستثمار الاقتصادي الأمريكي: تبلغ مساحة أمريكا حوالي 9,629 مليون كلم مربع بعدد سكان يبلغ حوالي 334,9 مليون نسمة، فيما تبلغ مساحة كندا 9,985 مليون كلم مربع بعدد سكان يبلغ حوالي 40,1 مليون نسمة.. ترامب مطالب إذن بتصريف مورد بشري يتجاوز المورد الكندي بحوالي 300 مليون نسمة، وهو المورد الذي لم تعد أمريكا تستوعبه على مساحة أقل من مساحة كندا.. فإذا كانت كندا مجرد امتداد اقتصادي للنظام الرأسمالي الأمريكي، وإذا كانت مجرد امتداد لموقفه السياسي؛ فما الداعي لعدم ضمها للولايات المتحدة الأمريكية؟ ما الداعي لعدم الاستفادة من مقدراتها مدنيا أقصى حد ممكن؟ وما الداعي لعدم الضغط عليها في هذا الاتجاه؟! هكذا يفكر ترامب على الأرجح.

-مواجهة الصين في كندا: لقد عرفت العلاقات الاقتصادية بين الصين وكندا انتعاشا في ولاية ترامب السابقة (2016-2020)، إلا أن هذه العلاقات سرعان ما عرفت فتورا بسبب تدخل كندا في قضية “تايوان” التي تعتبرها الصين قضية سيادية.. ومؤكد أن هذا التدخل ليس كنديا محضا، وإنما بدافع تشجيع من “الديمقراطيين” الذين أججوا قضية “تايوان” بمجرد صعودهم. فوز ترامب “ينفي” هذا الشرط، وبالتالي “ينفي” موقف كندا المناوئ للصين في “تايوان”، ما يرجح عودة العلاقات الاقتصادية إلى الانتعاش.. وإذا كان ترامب سيواجه الصين بالرسوم الجمركية في بلاده، فإنه سيسعى إلى فعل نفس الأمر في كندا!

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M