تركستان الشرقية .. تعرف على قصة “الأندلس الثانية” ..
هوية بريس – محمد سرحان
في روايته الشهيرة «ليالي تركستان»، ينقل د. نجيب الكيلاني، على لسان مصطفى مراد حضرت: إن تركستان قد انقسمت بفعل الاستعمار إلى تركستان غربية؛ احتلها الروس وضموها إلى اتحاد الجمهوريات السوفييتي (السابق)، وأخرى شرقية؛ احتلها الصينيون وضموها إليهم وسموها «سينكيانج»، وإن الشيوعية قد نشرت جناحيها على تركستان شرقها وغربها، وهكذا ضاعت بلاد إسلامية كانت من أعظم بلاد الله حضارة وتاريخاً وكفاحاً ومجداً، إنها الأندلس الثانية؛ فما قصة تركستان؟
تركستان تعني موطن الأتراك، وبلا شك فإن كل الأتراك حول العالم تربطهم صلة بهذه المنطقة، يقول عبدالعزيز جنكيز خان، في كتابه «تركستان قلب آسيا»:
“لم تتغير وحدتها السياسية واستقلالها إلا في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، حيث وقع بعضها في أيدي الصين يعرف بتركستان الشرقية، ومساحته تتجاوز 1.6 مليون كيلومتر مربع، ويسكنه مسلمون من الكازاخ والأوزبك والمغول والتتار وأغلبية من الأويجور، والقسم الثاني خضع للروس ويسمى «تركستان الغربية»، ومساحته 4 ملايين و106 آلاف كيلومتر مربع”.
- تركستان .. والإسلام:
تقول د. ماجدة مخلوف، أستاذة الدراسات التركية، في لقاء تلفزيوني:
“في عهد الخليفة عثمان بن عفان، بدأت محاولات المسلمين فتح تركستان (بلاد ما وراء النهر؛ نهر سيحون وجيحون)، واستصعب عليهم الأمر في بدايته إلى أواخر القرن الأول الهجري، عندما وصل القائد قتيبة بن مسلم الذي تمكن من فتح مقاطعات عديدة ووصل بالإسلام حتى حدود الصين، لكن بقي دخول الإسلام قاصراً على الأفراد، ودخل كثير من الناس في الإسلام بفضل قوافل التجارة التي تسلك طريق الحرير آنذاك، حتى منتصف القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) عندما أسلم أول خاقان تركي هو «ستوق بغرا خان»، الذي أسلم ومعه شعبه كله يقدر بحوالي 200 ألف خيمة دخلوا الإسلام في يوم واحد معه!”.
- تركستان.. والاحتلال:
وتضيف د. مخلوف:
“بقيت تركستان مكوناً واحداً تشكله إمارات مسلمة، حتى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، عندما تسلل الضعف إلى الخلافة العثمانية، وضعفت هذه الإمارات بتركستان، بالتزامن مع صعود القوى الاستعمارية مثل روسيا التي التهمت الجزء الغربي من تركستان؛ وهو جمهوريات: أوزبكستان، كازاخستان، تركمانستان، طاجيكستان، قرغيزستان، أما الجزء الشرقي فبدأت الصين تتأهب للاستيلاء عليه، وبمساعدة روسية سقطت تركستان الشرقية تحت نير الاحتلال الصيني عام 1949م، ولا تزال حتى الآن تُحارَب في هويتها الإسلامية”.
لم تألُ الصين جهداً في حربها على هوية مسلمي تركستان الشرقية لـ»تصيينهم»، فهدمت آلاف المساجد، والمساجد التي بقيت حُولت إلى مراقص، وجرّمت الصلاة وتحفيظ القرآن، فهذه رقية فرحات (أويجورية) سجنت 4 سنوات هي وأطفال جيرانها الذين كانت تحفّظهم القرآن الكريم!
في أغسطس 2018م، قالت لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة:
“إن تقارير وثقت اعتقال الصين نحو مليون مسلم في معسكرات، يتم داخلها «تصيين» المسلمين بالإجبار، وتدريبهم على حرف يتم استغلالهم لاحقاً كعمالة مجانية لصالح الشركات الصينية”.
وفي عدد سبتمبر 2020م، نشرت مجلة «صوت تركستان» إحصاءات تشير إلى انخفاض المواليد بنسبة 24% العام الماضي، فضلاً عن إجراء أكثر من 60 ألف عملية تعقيم قسري للنساء المسلمات لمنع الإنجاب خلال عام 2018م، مقابل 3214 عملية خلال عام 2014م!
فرضت الصين نظام مراقبة شاملة بالكاميرات بالشوارع، وفي البيوت من خلال «نظام القرابة»؛ إذ يقيم موظفون صينيون بمنازل المسلمين يفرضون عليهم الأسلوب الصيني من شرب الخمر وغيره، بجانب تقارير كاملة يكتبها هؤلاء الموظفون حول ما إذا كانت هذه الأسرة لديها مصحف أو سجادة صلاة. (مجلة المجتمع)