تركيا على صفيح الاستفتاء الساخن بشأن الدستور
هوية بريس – الجزيرة
نقل تصويت البرلمان التركي بقبول تعديل البنود الثمانية عشر في الدستور للتحول من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، معركة الدستور إلى الشارع التركي بانتظار إجراء الاستفتاء.
وكان البرلمان قد صادق فجر السبت الماضي على التعديلات في الجولة الثانية والأخيرة من التصويت، بأغلبية 339 صوتا ومعارضة 142 من أصل 550 نائبا يشكلون البرلمان.
وينتظر الأتراك مصادقة الرئيس رجب طيب أردوغان على التعديلات الدستورية عقب عودته من جولته الأفريقية الحالية، لإحالتها للاستفتاء الشعبي الذي من المتوقع إجراؤه في موعد لا يتجاوز 16 أبريل، بحسب ما أعلن مصطفى إيليتاش نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية.
مطالب وفرص
وقال المحلل السياسي التركي بكير أتاجان للجزيرة نت إن تعديل الدستور كان مطلبا لـحزب الشعب الجمهوري في عام 1937 وقد نادى به وقتذاك رئيس الوزراء عصمت إينونو، لكن مناهضي التعديل تذرعوا لرفض التعديل بمرض الرئيس مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في ذلك الوقت.
وتوفي أتاتورك عام 1938 وتولى إينونو الرئاسة بعده، لكن موقفه تغير فرفض تعديل الدستور الذي كان ينادي به، ودخلت تركيا في الكثير من الأزمات الدستورية وفي مقدمتها إدارة البلاد من قبل رؤساء بالوكالة، وفق ما يؤكد أتاجان.
ويشير السياسي التركي إلى أن الرئيس الراحل تورغوت أوزال عرض في عام 1983 بعد توليه الحكم أفكارا لتعديل الدستور، دون أن يتمكن من تحقيقها، وكذلك فعل حزب العدالة والتنمية منذ وصوله إلى سدة الحكم عام 2001 لكن الفرصة لم تهيأ لهذا التعديل قبل عام 2016.
ويجزم أتاجان بأن يحظى الدستور الجديد بأصوات الأغلبية المطلقة (51%) اللازمة للتعديل في الاستفتاء المقبل، موضحا أن التعديل هو مطلب قديم للشارع التركي وليس وليد ساعته.
وتنسجم توقعات أتاجان مع نتائج استطلاع للرأي أجراه مركز “أوبتيمار” للأبحاث بين الثالث والعاشر من يناير الجاري، أظهر أن 53% من المشاركين في الاستطلاع يؤيدون التعديل الدستوري.
بين قطبين
ويحشد حزبا العدالة والتنمية التركي الحاكم والحركة القومية أوراق قوتهما للدفع باتجاه التعديل عبر بناء المزيد من التحالفات، والاعتماد على شعبية الرئيس رجب طيب أردوغان في كسب قطاعات أوسع من الشارع لصالح التعديل.
فقد انضم حزب السعادة التركي إلى جبهة تعديل الدستور، وقال رئيسه مصطفى كملاك إن الدستور الحالي لا يصلح لحكم البلاد، باعتباره “من مخلفات حكم الانقلاب العسكري”.
ورغم أن الحزب غير ممثل في البرلمان لعدم تجاوزه عتبة الأصوات في الانتخابات الأخيرة، فإنه يحظى بشعبية واسعة في أوساط التيار الإسلامي، وهو من الأحزاب القادرة على حشد الجمهور خلف مواقفه.
وأعلن المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن أنّ أردوغان سيؤدي دورا فاعلا في إقناع الشعب التركي بالتصويت لصالح التعديل، نظرا لكونه من أكثر الشخصيات التي تبنّت الدعوة للدستور الجديد.
ويعتزم حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية الشروع في حملات منفصلة للدعاية لتأييد تعديل الدستور مع تحسن الأحوال الجوية الشتوية التي تشهدها تركيا هذه الأيام.
الراية البيضاء
أما حزب الشعب الجمهوري المعارض للتعديل، فيرفض رفع الراية البيضاء في معركة الشارع التي لا مكان فيها للمساحات الرمادية.
ووفقا لتقارير صحفية، فإن الحزب حدد الخطوط العامة لحملته والتي تتمثل برفع العلم التركي فقط وتجنب الشعارات الحزبية، والابتعاد عن حزب الشعوب الديمقراطي الذي يلقى سخطا واسعا في الشارع عقب تصاعد هجمات حزب العمال الكردستاني المقرب منه.
وقال النائب عن حزب الشعب الجمهوري إيتونغ جراي للجزيرة نت إن حزبه سيشرح للجمهور التركي الآثار السلبية للتعديل الدستوري، والتي ستقوض توزيع السلطات وتركزها عوضا عن ذلك في يد واحدة، بحسب تعبيره.
ووفقا للتعديلات، فإن إحالة الرئيس للتحقيق تتطلب موافقة 60% من النواب، بينما تقتضي إحالته إلى المحكمة العليا موافقة ثلثي النواب.
كما تمنح التعديلات الرئيس الحق في تعيين نصف أعضاء مجلس القضاء، وتعيين مجلس الوزراء وتعديل الحكومات، وتلغي منصب رئيس الوزراء.