تزامنا مع انتخابات حركة التوحيد والإصلاح.. الريسوني يكتب: حب الرياسة.. المشكل الأصعب والحل الأقرب
هوية بريس – د.أحمد الريسوني
من يرأس الدولة؟ ومن يكون الخليفة؟ ومن يكون رئيسا؟ ومن يكون وزيرا؟ ومن يكون أميرا؟ ومن يكون مديرا؟ ومن يكون أمينا عاما؟ ومن يكون محتسبا؟ ومن يكون قائدا؟
هذه أخطر قضية سياسية على مر التاريخ؛
لأجلها اقتتل الأشقاء، وتعادى الأحباء، وتخاصم الأصدقاء، وتدابر الأخلاء، وتباعد الشركاء.. ولأجلها تصدعت دول وممالك وتصارعت، ولأجلها انقسمت أحزاب ومنظمات وتشتتت..
وحتى الحركات والمؤسسات الإسلامية لم تنجُ من هذه المعضلة ومن آثارها الوخيمة، رغم أنها قد تكون الأقل نصيبا من هذا البلاء؟
مناسبة هذا الحديث هي انعقاد الجمع العام الوطني لحركة التوحيد والإصلاح، الذي ينتخب – هذه الليلةَ – رئيسا جديدا للحركة، كما دأب على ذلك دون تأخر ولا تعثر، منذ تأسيس الحركة قبل ست وعشرين سنة.
رؤساء حركة التوحيد والإصلاح – وعموم مسؤوليها – عادة يتهربون من الرئاسة، ويعتذرون عنها، ويتقاذفونها بعضهم لبعض.. حتى إذا حطت رحالها عند أحدهم، وانتخبه الجمع العام بشكل مباشر، كان عليه أن يتقدم ويتحمل ويمضي..
لماذا لا يتنافس وجهاء التوحيد والإصلاح في السعي إلى نيل الرئاسة وإلى التمسك بها والبقاء فيها، كما يفعل الآخرون في مختلف المناصب الرئاسية؟
السبب الأساس في ذلك، يأتي من هَدي النبي وتوجيهاته المعتمدة، صلى الله عليه وسلم. ومن ذلك حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من بني عمي، فقال أحد الرجلين: يا رسول الله، أمِّرْنا على بعض ما ولاك الله عز وجل، وقال الآخر مثلَ ذلك، فقال: «إنا والله لا نولي على هذا العمل أحدا سأله، ولا أحدا حرص عليه».
ففي الحركة لا أحد يرشح نفسه، ولا توجد لجنة للترشيح، ولا أحد يروِّج لنفسه، ولو بالتلميح.. وإنما الجمع العام هو صاحب الكلمة – مباشرةً – في اختيار المرشحين الخمسة الأوليين، وفي تقييم مؤهلاتهم، ثم انتخابِ واحد منهم..
ومنصب الرئاسة في الحركة لا يعطي صاحبَه أي مزايا أو مكاسب، لا مادية ولا معنوية، لا مباشِرة ولا غير مباشِرة. وعلى الرئيس أن يبذل من كل ما آتاه الله، وينتظر الجزاء من الله تعالى.
وهنا تحضرني كلمة سمعتها من أخينا الأستاذ عبد الإله بن كيران، ومعناها: أنه ليس من السهل أن تجد من يتولى لك رئاسة هذه الحركة، ولئن وجدته فما أسعدك به..!
كان الله في عون الرئيس، وهيأَ له من أمره رشدا.