تسييس خطب الجمعة: المساجد ليست فضاء لفرض الإملاءات السياسية

26 ديسمبر 2025 21:08

تسييس خطب الجمعة: المساجد ليست فضاء لفرض الإملاءات السياسية

هوية بريس – متابعات

أثار الدكتور حمزة الكتاني، من خلال تدوينة له نقاشا متجددا حول حدود الخطاب الديني داخل المساجد، محذرا من ما اعتبره انزلاقا خطيرا نحو تسييس خطب الجمعة، وإقحام قضايا سياسية وتشريعية خلافية في فضاء يفترض فيه أن يبقى جامعا للمغاربة، بعيدا عن الاستقطاب والجدل.

وأكد الكتاني أن تسييس المساجد أمر محظور مجتمعيا وإداريا، ومخالف للسياسة الرسمية للدولة التي اعتمدت، منذ حوالي ربع قرن، نهجا صارما في تحييد المساجد عن الصراعات السياسية والفكرية، وهو النهج الذي ترتبت عنه قرارات عزل خطباء، وإقصاء آخرين، بل ووصول الأمر في بعض الحالات إلى المتابعة والسجن.

وسجل المتحدث أن الخطب الجُمعية الأخيرة بدأت تنزلق من المقاصد الوعظية والتربوية إلى تمرير مواقف سياسية من زاوية واحدة، وفرضها على عموم المصلين دون نقاش أو تعددية، وهو ما يتناقض مع وظيفة المسجد باعتباره بيتا للعبادة لا منبرا للصراع السياسي أو التشريعي.

وأوضح أن خطبة الجمعة الأخيرة تضمنت في شقها الأول موضوعا وصفه بـ”الجميل والمفيد”، ويتعلق بـالوفاء بالعقود والالتزامات، غير أن الخطبة الثانية سرعان ما انتقلت إلى إسقاط سياسي مباشر عبر إدخال الاتفاقيات الدولية في سياق الحديث عن وفاء المجتمع بعهوده، في إشارة اعتبرها واضحة إلى اتفاقية بكين، التي تشكل محور جدل مجتمعي حاد على خلفية النقاش الدائر حول مدونة الأسرة.

ويرى الكتاني أن هذا الأسلوب في المعالجة يفرض رأيا واحدا داخل المساجد، ويُقدَّم في لباس ديني مُلزِم، بينما الأصل أن تبقى مثل هذه القضايا محل نقاش داخل الإعلام والمجتمع المدني والبرلمان، حيث تتعدد الآراء وتُطرح المواقف في إطار سياسي وتشريعي واضح، لا في فضاء تعبدي يفتقد فيه المصلون إمكانية الرد أو الاعتراض.

وحذر العضو السابق للأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة من أن هذا النهج قد يفضي إلى نتائج عكسية خطيرة، من بينها إثارة الفتنة داخل المساجد؛ وتعميق الاستقطاب بين المصلين؛ أو عزوف بعض المواطنين عن صلاة الجمعة، والبحث عن صيغ موازية خارج الإطار الرسمي، وهو ما يعيد إلى الواجهة إشكالات سبق للدولة أن تعاملت معها بحزم في سياقات سابقة.

وسجل الدكتور حمزة الكتاني ما اعتبره تغييبا لضابط شرعي أساسي في عدد من الخطب الأخيرة، يتمثل في أن الحاكم والمؤسسات التشريعية والاتفاقيات الدولية لا يجوز لها مخالفة ظاهر الشريعة الإسلامية، وأن أي نص أو التزام يصادم أحكامها الواضحة لا تلزم الموافقة عليه ولا العمل به، سواء تعلق الأمر بأفراد أو مؤسسات.

وأضاف أن أي موافقة رسمية تصدر تحت ضغوط خارجية أو اعتبارات مصلحية تظل قرارا سياسيا محضا، ينبغي أن يتحمل مسؤوليته رجال السياسة في فضاءاتهم الطبيعية، لا أن يُسَوَّق داخل المساجد باعتباره خيارا دينيا واجب القبول.

وختم الكتاني تدوينته بنداء مباشر إلى القائمين على الشأن الديني، داعيا إلى تقوى الله في شعائر الدين، وعدم تجاوز حدودها، مستشهدا بالآية الكريمة {تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه}.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
11°
15°
السبت
15°
أحد
15°
الإثنين
15°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة