تصريحات التوفيق تجهز على خطة تسديد التبليغ

08 ديسمبر 2024 11:02

هوية بريس – نبيل غزال

على مدار أيام لم تتوقف الانتقادات الموجهة لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق بسبب تصريحه لوزير الخارجية الفرنسي “إننا علمانيون”.

وحتى إن حاول بعض المتدخلين أن يجدوا مخرجا للوزير بكونه يمارس السياسة مع وزير داخلية ينتمي لليمين المتطرف بدولة لائكية، إلا أن كثيرا من المحللين أدانوا التوفيق الذي يسهر على تدبير جانب كبير من الشق الديني في دولة إمارة المومنين.

وبمناسبة الحديث عن العلمانية، جدير بنا أن نستحضر ها هنا تصريح مصطفى بنعلي، الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية خلال مشاورات تشكيل حكومة أخنوش، حينما أعلن بقوله: “انتقلت البلاد -أي المغرب- من مشروع دولة إسلامية إلى دولة ليبرالية ديمقراطية اجتماعية”، وما أثاره هذا التصريح حينها من ردود فعل غاضبة، حتى من لدن الدوائر التي نصَّبت نفسها اليوم مدافعة عن مقولة التوفيق المثيرة، هذا مع العلم أن بنعلي ينتمي لليسار في حين أن التوفيق وزير تكنوقراط يعمل في الشق الديني للدولة.

الوزير الذي قال بأن العلمانية لا تصدمه و”إننا علمانيون”، وادعى تقديسه لمفهوم الحرية مستدلا بالآية الكريمة {لا إكراه في الدين} دون أن يُتمها فيتبيَّن معناها، لا يظهر بالمرة من خلال مشروعه في هيكلة الحقل الديني وتدبير الخلاف مع من يصنفهم ضمن خانة الأعداء أنه لا يمتثل حتى لهذه المبادئ الغربية التي يعلي من شأنها.

وهذا طبعا ليس ادعاء ولا تجنيا على السيد الوزير، لا أبدا.. ويكفي التذكير باختصار أن أحمد التوفيق الذي قال في اللقاء الخاص مع وزير الداخلية الفرنسي “من أراد أي شيء يفعله” هو من صنف من يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة ويقبض يديه فيها في خانة التكفيريين! وهو من صنف من مدَّ قول آمين عقب الفاتحة والخروج بتسليمتين من الصلاة وأنكر بناء المشاهد على قبور الصالحين في دائرة التكفيريين أيضا! وهو من وصف الأئمة الذين امتثلوا لتوجيه المجلس العلمي الأعلى بعدم الإلزام بالخطبة الموحدة يوم الجمعة بالمشوشين والمرضى !

تسامح السيد الوزير يظهر بجلاء حينما يتعلق الأمر بعروض “جينفر لوبيز” الستربتيزية مثلا، فحينها يصير التفاعل مع مثل هذه المشاهد المخزية أمورا خلافية، تدخل في خانة التعددية والانفتاح على الآخر، ولا يمكن البتة فرض الرأي الواحد على الجماعة!

كما يظهر تسامحه أيضا حينما يلتزم الحياد في مناقشة مدونة الأسرة، ولا يخصص مشاريع لمواجهة المدّ الإلحادي وموجات “المثلية” الجارفة.. وما تسببه الخمور والقمار وعدد من الظواهر المنحرفة من دمار للفرد والأسرة والمجتمع المغربي..

هذا الحياد السلبي جعل السيد الوزير مرضيا عنه لدى التيار اللاديني، والذي وصفته إحدى منابره بـ”مارتن لوتر المغرب”، ومغضوبا عليه لدى شريحة واسعة من المواطنين، التي ترى فيه وزيرا عمّر طويلا وبصم خلال مسيرته (22 سنة) على حقبة مظلمة، عانى خلالها الفقهاء والعلماء والدعاة كثيرا، ودخل المجال الديني في طور جديد، حُيّد خلاله العلماء عن الشأن العام وقضايا الأمة، وسيِّج المجال الديني بسياج من حديد، استفادت منه العلمانية لتتوسع بشكل أكبر وتنشر سمومها بين المغاربة المسلمين دون أن تجد مقاومة رسمية.

وفي ظل واقع كهذا وحتى نرى الأمور كما هي “بلا زواق” فهل يعقل أن تنجح خطة الوزير في تسديد التبليغ وهو يعلن أمام نواب الأمة “أننا علمانيون”؟!

وهل يمكن لخطب جمعة أشبه بنشرات الأخبار، لم يلتزم بها -وفق الوزير- إلا “المشوشون” و”المرضى” أن تسدد التبليغ وتوصل الرسالة الدينية لعموم المغاربة في المدن والبوادي والقرى والأرياف؟!

أم أن مصير الخطة سيكون كمصير التلفزات في المساجد والتي صرفت عليها ملايين الدراهم والنتيجة نعرفها جميعا..

لك الله يا وطني..

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M