تعاون غوفرين والعبادي طبخة جديدة لإحياء ما سمي بـ”المجلس العالمي للأئمة والحاخامات من أجل السلام”
هوية بريس – د.محمد عوام
عندما يصبح المجرم خطيبا، والذئب ناصحا أمينا، والصهيوني الحاقد صديقا، فحينها يتأكد لذوي الحجى أن المفاهيم والتصورات قد انقلبت، والموازين قد اختلت، فأصبحت مثل الكوز مجخيا، وأصبح دعاة التطبيع وأزلامه من بعض الصحفيين المرتزقين يزينون الباطل وسوء العمل، مثلما صنعت حاشية فرعون.
فمتى كان اليهودي الصهيوني المجرم محبا للسلام، ساعيا للتعايش؟ فهل غاب عنكم تاريخه، أم زاغت عنكم الأبصار، حتى صرتم لا تقرأون تاريخا ولا تهتدون بواقع، إنه انطماس البصيرة، وكلل في الذهن، وفقدان حس الانتماء إلى هذه الأمة.
من يصدق من ذوي العقول السليمة كلام الصهيوني غوفرين بعد لقائه بأحمد عبادي: “إن التعاون يهدف إلى تعزيز أسس التعايش والتسامح، وقبول الآخر، وتجاوز الاختلافات العقائدية للنهوض بمجتمعاتنا نحو مستقبل أفضل”.
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: “اليهود قوم بهت.” وكذب غوفرين بروغانه مثل الثعلب، وبكذبه، فهل نسينا تلك المجازر التي مرت في تاريخ إسرائيل؟ هل نغض الطرف عن الحروب المستمرة على فلسطين، من تدمير للمنازل، وهدم للبنية التحتية، وتهجير ملايين الفلسطينيين من ديارهم، وقتل للأطفال والشيوخ والنساء، بشتى أنواع القنابل والصواريخ والأسلحة الفتاكة، وملاحقة رجالات المقاومة في الداخل والخارج؟ عن أي تعايش وتسامح يتحدث هذا المجرم الصهيوني؟ إن الدم اليهودي لا يعرف التعايش والتسامح، فتركيبته وفصيلته مكونة من ثلاثة حروف (ح ر ب) الحرب، والغدر، والسفك، والقتل، يتقربون إلى الله –بزعمهم- بقتل العرب والمسلمين كما يقولون.
وهل يعقل أن نقبل بمن احتل أرضنا، وتفنن في سفك دمنا، وشرد أسرنا، وهتك عرضنا، وخرب ديارنا، وأعمل فينا كل وسائل الدمار والغصب والفتك، فنتعايش ونتسامح معه؟ في أي شريعة، أو قانون قديما وحديثا ينص على قبول المجرمين؟ إن هذا لشيء عجاب أن يروج للتعايش مع المجرمين، وأصحاب القلوب القاسية.
ثم كيف نتجاوز الاختلافات العقائدية، كيف نسوي التوحيد مع الشرك؟ والله تعالى يقول عنهم: “وقالت اليهود عزير ابن الله” وغير ذلك من العقائد التي تختلف مع التصور اليهودي للذات الإلهية المقدسة وللنبوة، وغير ذلك.
الدعوة التي يرمي إليها الصهاينة هي تدجين الأئمة، وجعلهم في خدمة الصهيونية، وتوظيفهم ضد المقاومة، وتلميع صورة التطبيع، ومن وراء ذلك تعزيز الوجود الإسرائيلي في المنطقة. ونحن نرى في تعاون غوفرين والعبادي طبخة جديدة لإحياء ما سمي بعد أحداث 16 ماي بـ”المجلس العالمي للأئمة والحاخامات من أجل السلام” وقد انعقد مؤتمره التحضيري بجامعة الأخوين بمدينة إفران، غير أنه باء بالفشل، فلم يحضره معظم الأئمة، بالرغم من كون بعضهم وجد اسمه مدرجا في اللائحة وهو لا يعلم بذلك.
فلذلك نحن نرى أن هذا التعاون ليس بريئا، ولا خير فيه، ولا نفع من ورائه، بل هو خادم للصهاينة واليهود الذين يحتلون فلسطين. ومع الأسف فمثل هذه الدعوات والتعاون يمد في عمر إسرائيل، ويزيدها قوة وغطرسة، وفي الوقت ذاته خذلان للمقاومة وللشعب الفلسطيني ومقدسات الأمة.
ولست أدري هل يدرك الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، أحمد عبادي، ما يقدم عليه، وما يسببه من كوارث للأمة وللقضية الفلسطينية، أم أن له مآرب مقدمة على مصالح الأمة والوطن.