تعريف شرعي ليوم عرفة الذي يسن صيامه*

هوية بريس – د.رشيد بن كيران

ليس يوم عرفة مجرد تاريخ في التقويم، بل هو يوم عظيم تعرّف إلينا الشرع بمجموع أوصافه الجليلة، حتى صار تعريفه في ضوء تلك الخصائص، لا بمجرد عدّه فقط بين أيام الشهر ذي الحجة، فهو:

1. يوم من أيام العشر التي أقسم الله بها،
قال تعالى: ﴿وَٱلۡفَجۡرِ ۝١ وَلَیَالٍ عَشۡر ۝٢﴾،
ويوم عرفة هو تاسع هذه الليالي العشر المباركة، التي عظمها الله ورفع قدرها.

2. يوم الوقوف بعرفة، وهو الركن الأعظم من أركان الحج،
قال ﷺ: «الحج عرفة»،
فمن أدرك هذا الموقف أدرك الحج، ومن فاته فقد فاته الركن الأكبر.

3. يوم هو أكثر الأيام عتقا من النار،
قال ﷺ: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة»،
فهو يوم تتنزل فيه الرحمة، وتعتق فيه الرقاب.

4. يوم المباهاة الإلهية بعباده الواقفين بعرفة،
قال ﷺ: «ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟».

5. يوم الدنو الإلهي كما يليق بجلاله وعظيم سلطانه،
«وإنه ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة»،
فيشهد فيه العبد قرب ربه من عباده، دنو ليس كمثله شيء، ترجى فيه الرحمات والمغفرة والنفحات.

6. يوم أفضل الدعاء، فيستحب فيه الإكثار منه والاجتهاد فيه،
قال ﷺ: «أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له».

7. يوم الصيام لغير الحاج، ويكفر سنتين،
قال ﷺ: «صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله، والسنة التي بعده».

فهذه الأوصاف النبوية والشرعية هي في حقيقتها تعريف بياني بيّن ليوم عرفة، تجتمع في يوم واحد لا يتعدد، تظهر منزلته وتكشف أسرار عظمته، وتدل المؤمن عليه دلالة محبة وشوق وتعظيم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* سبق لي أن تناولت هذه المسألة فقهيا ونشر لي فيها أكثر من مقال، وهي مسألة خلافية معتبرة، وأخذت بمذهب من يقول إن اليوم الذي رغب الشرع في صيامه هو يوم الوقوف الحجاج بعرفة.