تعليق على صورة “فاشنيستا”
هوية بريس – تسنيم راجح
قبل يومين ظهرت لي صورة “فاشنيستا” علمت لاحقاً أنها مشهورة يزيد متابعوها على 15 مليوناً.. واحدةٌ من هؤلاء الذين يعرضون مفاتنهم على الملأ مقابل أن يلبسوا لتلك الشركة أو يسوقوا هذه المجوهرات أو يزيدوا متابعاتهم فقط، فيملؤون فضاء الانترنت بما يستطيعون إبرازه من أجسادهن المسكينة الرخيصة مقابل شيء من المال..
لكن هذه الصورة لم تكن الفتاة فيها وحدها، إنما مع رجل يقف بجانبها ينظر في الناحية الأخرى كأنه مستعلٍ أو غير آبه بها.. وتعليقها تحت الصورة يهنئه بيوم ميلاده ويقول ما معناه: “كل عام وأنت بخير يا أحن وأطيب من عرفت..”..
إنه زوجها، يقف بجانبها وهي تظهر ما يزيد على نصف جسدها مع كمية كبيرة من الزينة وثوبٍ ضيقٍ قصيرٍ ملفت.. وهي تمدحه بأنه طيب وحنون!
لكن..
أتساءل.. هل تريد المرأة رجلاً كهذا حقاً؟ هل هذا هو الذي تبحث عنه؟ رجلٌ يوافق على استعراضها لنفسها وهو واقفٌ يشاهدها ويشيح بنظره عنها وينتظر ربحها للمال من ذلك؟ رجلٌ لا يغار عليها من الملايين الذين يستمتعون بمشاهدة لحمها المتاح لكل من هب ودبّ، بل ربما يهنئها بازدياد من يراقبونها! ذكرٌ لا يأبه بحمايتها ولا بصيانتها ولا يرى لنفسه أصلاً علاقة بها! هل هذا “الحنان” و”الطيبة” هي صفات الرجل المثالي عند المرأة؟ وهل هذا يسعدها ويكفيها فعلاً؟
وما الذي يتم فعله على الرجال الذين كان أسلافهم يغارون على المرأة حتى من نسمة الهواء ليصلوا اليوم إلى هذه المرحلة التي يبيعون فيها كل شيءٍ ليقال “كول” ولتزداد شعبيتهم أو يكسبوا بعض الإعجابات والموافقات على صورهم!
ما الذي توسخ به أدمغة الشباب والفتيات؟ وكيف تنتج هذه المسوخ في المجتمع لتقول للفتاة التي تسافر عير هاتفها وتمر على هذه الصور أن هذه هي السعادة وهذا هو الحلم وهذه هي “الرومانسية” التي تحتاج تحصيلها؟! ولتقول للشاب الذي نظر من بعيد أنه يكفيه أن يتأنق وينفخ عضلاته ويقف بجانب امرأته صامتاً ليكون الرجل المثالي في مجتمعه.. لا حاجة لحماية نسائه ولا لانفعاله ولا لقيامه بأي دورٍ عليه.. قف هناك، واصمت فقط!
والرسالة بعد كل ذلك..
علموا أن هذه الصور تتكاثر جداً حولكم وحول أبنائكم وبناتكم ومن تربون، احموهم واحموا نفوسكم منها ما استطعتم، أنكروا المنكر ولو بقلوبكم وألسنتكم، وأظهروا صور الرجولة والأنوثة الحق الجميلة الفطرية، صورة الأنثى الرقيقة التي لا تخجل من ضعفها، صور الأبوة والأمومة وأدوار الأنثى والرجل وافتخروا بها وبكل وضوح، كأبٍ اعلم أن ابنتك تحتاج منك الحماية كما تحتاج الحنان، تشعر بالأمان حين تمنع عنها ما يضرها كما تفعل حين تجالسها وتكلمها وتحاورها، أرها صورة الرجل المتوازن في سؤالك عنها وعنايتك بها واهتمامك بها، أرها صورة الزوج الكريم الحازم الذي تريده في زوجها يحميها وتسعد به، يغار عليها وتشعر بأهميتها عنده، يقود أسرته بصبرٍ وحكمةٍ واهتمامٍ وعلمٍ ولا يخجل من عواطفه..
وإن كانت المعادلة تبدو معقدة بين غلو هنا وغلو هناك فإن قراءة السيرة خير معينٍ على الطريق، مع الصحبة الصالحة ومجالس العلم والاستعانة بالله ومراقبة النفس وطلب النصيحة ومجاهدة النفس على الدوام..
نسأل الله أن يعيننا وأن يهبنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ويجعلنا للمتقين إماماً..
جزاك الله خيرا مقال تربوي نافع بحول الله