تقريبُ المعرفةِ والمنهجِ مسلكٌ نافعٌ في تجديدِ العلومِ محمد أمين إدحيمود هوية بريس – الإثنين 27 يونيو 2016 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين. أما بعد: إنَّ الدفعَ بالعلومِ الشرعيةِ لتخطّي عقبةِ التجديدِ عملِيًّا وتطبيقيًا أمرٌ لازمٌ. ومنْ عقباتِ التجديدِ الاشتغالُ بـ”تقريبِ العلومِ”، وهذا المسلكُ التطبيقيُّ لا يتأتّى إلّا بعدَ ضبطِ منهجِ العلمِ وإحكامِ مادتِه وفصولِه حتّى يصلَ الناظرُ فيه إلى درجةِ “النُضجِ المعرفيِّ والمنهجيِّ”. وأساتذةُ العلومِ يسْهلُ عليهم خوضُ هذا الغمارِ واقْتِحامُه؛ لأنّهم يمتلكون أدواتِهِ ويعرفونُ أحوالَ الفئةِ المستهدفةِ معرفةً جيّدةً. ويعْلَمون ما يحتاجُ إليهِ الطالبُ. ويُميّزون بين مبادئِ العلمِ وغايَاتِه، وصُلْبه من مُلَحِه. والّذي يُسقطُ منْ شأنِ (طُرقِ التدريسِ) لا ينْقُصه إلّا تركيبُ أُذنيْنِ كبيرتَيْن كحاملِ الأسفارِ، ومنْ جهلَ شيْئًا عادَاهُ. ومنْ عاداهُ بعدَ معرفتِه فلَا وجاهةَ في رأيْهِ. كلُّنَا نتفِقُ على ضرورةِ الحسْمِ في إشكالاتِ المعرفةِ (أي الضبط المعرفي). ولكنْ ماذَا بعدَ الحسمِ مع المعرفةِ؟ هلْ قدورُ العلمِ وأوعيتُه قادِرةٌ على التجديدِ في العلومِ وتطويرِها؟ أم أنَّها تكْتفي بالموجودِ وتنْحَصِر مدَاركُها في المحفوظِ؟ فما بالُ عقولٍ نراها لا تكادُ تبدِعُ ولا تُنتِجُ شيئًا مع الأسفِ الشديدِ؟؟؟ إنَّ مهارةَ التصرُّفِ في العلومِ لا تتأتَّى إلَّا بالتطبيقِ والمُمارسةِ واستثمارِ “طرقِ التدْريسِ” و”مناهجِ البحثِ والتفكيرِ” الموروثَةِ عنْ علماءِ الإسلامِ قديمًا. اعلمْ أخي الفاضل أنَّه يوجدُ بعضُ الأساتذةِ يُخزِّنُون ركامًا ضخْمًا من المعارفِ أمثالِ جبالِ تهامةَ؟!! وإذا أُسْنِدتْ إليهم مُهمّةُ التدريسِ فشِلوا فشلًا ذريعًا في نقل المعارف وتوريثِ طرقِ التفكيرِ لدَى الطالبِ؛ إنَّهُ خللٌ حقيقيٌّ في صناعةِ المدرسِ وتصوُّرِ مهمّتِه؟!! نعمْ قدْ يعترضُ عليَّ معترضٌ: بأنَّ بعضَ الأساتذةِ العلماءِ يُدَرِّسونَ العلومَ بطرقٍ حسنةٍ مع أنَّهُم لمْ يدْرُسوا طرائقَ التدريسِ ولَا صلةَ لهُم بهَا. هاكَ الجوابَ عنْ هذَا الاعتراضِ الوجيهِ: إنَّ هؤلاءِ الأساتذةَ إنَّما يقتبِسُون الطريقةَ بالاقتداءِ والاقتفاءِ بنماذجِ الأساتذةِ الَّذين تأثّروا بهِم في مراحلِ الطلبِ. وأنتَ تعلمُ أخي الفاضل أنَّ طريقَ الملاحظةِ والمشاهدةِ والتجربةِ والمخالطةِ والاقتداءِ يُربِّي ملكةً في التدريسِ أقومُ وأحكمُ منهجًا وتصرفًا منَ الملكةِ الّتي تُلقّنُ في شكلِ دروسٍ نظريةٍ. ويؤيِّدُ هذا قوْلُهم “من عاصرَ الفحولَ تفحَّلَ”. والله تعالى الموفق. (يتبع موضوع “تقريب العلوم” بمزيد تفصيل مع الإحالة على بعض النماذجِ القديمةِ والمعاصرةِ).
آخر اﻷخبار