تقرير.. انتفاضة الأقصى الثالثة: من ترويع المصلين الآمنين إلى ردّ المقاومة الباسلة
هوية بريس – محمد زاوي
1-مقدمات الانتفاضة
يعيش الشعب الفلسطيني، وهو صاحب الحق في الأرض، ظروف احتلال استيطاني متوحش في كل ربوع فلسطين المحتلة. ذلك هو واقع هذا الشعب المضطهد، منذ أزيد من سبعين سنة. واقع مرير من الاحتلال الصهيوني أفرز انتفاضتين للأقصى: انتفاضة الأقصى الأولى (1987-1993)، وانتفاضة الأقصى الثانية (2000-2005). وفي شروط استمرار نفس الواقع المرير للشعب الفلسطيني، وفي جوّ من التطبيع العربي الرسمي، كانت الانتفاضة الثالثة منتظرة.
احتج فلسطينيون بحي “الشيخ جراح”، في السادس من الشهر الجاري (ماي 2021)، على قرار محاكم صهيونية يقضي بإخلاء منازل فلسطينية لصالح مستوطنين صهاينة. فقابل مستوطنون هذا الاحتجاج باعتداء اضطر الفلسطينيين للدفاع عن أنفسهم، لتندلع بذلك مواجهات عنيفة بين الطرفين.
وعاش الفلسطينيون المقدسيون، طيلة شهر رمضان، من أنواع الاستفزاز والقمع ما أصبح معه الصبر على العدوّ المحتل مستحيلا. فكان السابع من الشهر الجاري يومَ الاندلاع الفعلي لانتفاضة الأقصى الثالثة، بعد: اقتحام قوات الاحتلال للمسجد الأقصى، وترويع المصلين فيه، ومنع المصلين من دخوله، وقمع المصلين في باحاته، واستفزاز الصائمين بأداء الصلوات التلمودية… الخ.
2-انطلاق الانتفاضة: عصيان مدني وهجمات عسكرية
لم يكن الفلسطينيون ليبقوا مكتوفي الأيدي أمام هذه الاعتداءات المتعمّدة المدروسة، فانطلقت المواجهات بينهم وبين قوات الاحتلال، دفاعا عن إسلامية القدس الشريف ووجود الشعب الفلسطيني. ورغم ما خلفته هذه المواجهات من جرحى (163) وأسرى، فقد أثبتت للعالم كله أن فلسطين للفلسطينيين، ولا يمكن أن تكون أرضا للصهاينة.
وبعد توالي الاعتداءات الصهيونية على المصلين وحرمة المسجد الأقصى، لم يبق أمام فلسطينيي القدس إلا طلب نصرة إخوانهم في غزة. فجاء الردّ سريعا، في الثامن من الشهر الجاري، بتهديد وجّهته “حماس” بلغة واضحة لقوات الاحتلال الصهيوني. فإما الانسحاب وإطلاق سراح المعتقلين، وإما ضربة عسكرية موجعة ستوجهها المقاومة لمواقع الاحتلال.
لم تتراجع قوات الاحتلال عن جرائمها في الأقصى والقدس، فكان الردّ من “كتائب القسام”، يوم الأحد 9 ماي، بإطلاق صواريخ وبالونات حارقة على مواقع متفرقة من أرض المحتل الصهيوني. وردّت قوات هذا الأخير، على هجمات المقاومة، بقذائف مدفعية وصاروخية قابلتها المقاومة الفلسطينية (غزة) بهجمات صاروخية مكثفة (بمئات الصواريخ).
واستمرت الهجمات المتبادلة بين الطرفين، طيلة أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء، لتأخذ يوم الخميس منحى أكثر شراسة وهمجية من الجانب الصهيوني، حيث ارتفع عدد القتلى الفلسطينيين، جراء القصف الصهيوني على قطاع غزة، إلى 103 قتيلا (مقابل 7 قتلى في الجانب الصهيوني)، فيما ارتفع عدد الجرحى إلى 580 جريحا.
وبدورها، لم تستسلم المقاومة الغزاوية لهذه الهجمات، فوجهت “كتائب القسام” 90 صاروخا لمدينتي عسقلان وأسدود، كما وردت أخبار عن إطلاق صواريخ من جنوب لبنان على مياه البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل الشمالية لإسرائيل. (حسب ما نقله موقع “TR العربية”).
3-مواقف دولية مساندة للشعب الفلسطيني
حرّكت الانتفاضة مياها راكدة كثيرة في الوطن العربي الإسلامي، فهبّ الجميع لنصرة القدس وفلسطين، إدارات دول وشعوبا، دوليا ومحليا. أضف إلى ذلك ما حظيت به القضية من دعم أحرار العالم، في أوروبا وأمريكا وروسيا. وهذه هي أبرز المواقف الدولية المساندة للشعب الفلسطيني في انتفاضته الثالثة:
– إجماع عربي وإسلامي: إدانة إدارات الدول وشعوبها للجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني، في غزة والقدس الشريف وكافة الأراضي الفلسطينية المحتلة. وهو ما تم التعبير عنه بمختلف أشكال التعبير: بيانات الخارجية، تصريحات لرؤساء الدول، احتجاجات الشارع العربي والإسلامي… الخ.
– خروج مظاهرات في دول أوروبية للتنديد بجرائم الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني والقدس والمسجد الأقصى، مثل الذي حصل في كل من بريطانيا وهولندا.
– إدانة جامعة الدول العربية، في بيان صادر يوم الثلاثاء 11 ماي، الهجمات العسكرية الجوية اللامسؤولة والعشوائية على قطاع غزة، والانتهاكات الصهيونية والاستيطانية في المسجد الأقصى والقدس الشريف.
– إصدار رابطة علماء المغرب بيانا تدين فيه الاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى والشعب الفلسطيني، يوم الثلاثاء 11 ماي.
– تباحث بين الخارجية المغربية ونظيرتها التركية، يوم الثلاثاء 11 ماي، بخصوص إمكانية عقد اجتماع “لجنة القدس” التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، إثر اقتحام قوات الاحتلال الصهيوني للمسجد الأقصى وترويع المصلين الآمنين فيه.
– إدانة مفوضية الاتحاد الإفريقي، يوم الثلاثاء 11 ماي، اعتداء قوات الاحتلال الصهيوني على المصلين بالمسجد الأقصى، وقصفها قطاع غزة.
– تشكيل لجنة وزارية عربية تضم المغرب وفلسطين والأردن ومصر والسعودية وقطر، يوم الأربعاء 12 ماي، لحث الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن على وقف السياسات الصهيونية اللاقانونية في القدس المحتلة.
– انعقاد اجتماع طارئ للمندوبين الدائمين في منظمة التعاون الإسلامي، يوم الأربعاء 12 ماي، لبحث الاعتداءات الصهيونية في القدس.
– دعوة منظمة التعاون الإسلامي، في بيان صادر يوم الخميس 13 ماي، لعقد اجتماع طارئ للجنة التنفيذية على مستوى وزراء الخارجية، لبحث الاعتداءات الصهيونية في فلسطين والقدس الشريف.