تقرير فرنسي: العالم لا يزال يجهل جوانب واسعة عن كورونا.. وهناك 5 أسئلة أساسية لا أجوبة عنها
هوية بريس – متابعات
مضت 3 أشهر على أول ظهور لفيروس كورونا القاتل الذي بات يجتاح العالم، وفي الكواليس يعمل أطباء وعلماء العالم بأسره على مراقبة وتحليل هذا الفيروس من أجل فهمه، تمهيداً لشن حرب مكافحة عليه، إلا أن الفيروس لا يزال يسجل المزيد من النقاط لصالحه على حساب أرواح البشرية.
في تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، نشرته الثلاثاء 31 مارس 2020، يقول إن العالم لا يزال يجهل جوانب واسعة من الفيروس، وتوجد 5 أسئلة أساسية لا أجوبة حاسمة عنها، وما زالت تحير العلماء.
يشير التقرير إلى أن:
السؤال الأول البارز هو: لماذا يكون المرض طفيفاً لدى البعض وشديداً لدى آخرين؟
هذا السؤال نابع من وجود تباين شاسع في خطورة أعراض كورونا بين المصابين به، فلماذا لا يتسبب الفيروس سوى بأعراض طفيفة أو حتى يظهر بلا أعراض لدى 80% من المصابين به بحسب أرقام منظمة الصحة العالمية، في حين يثير لدى بعض المرضى التهاباً رئوياً يقتلهم في غضون أيام؟
ليو بون، من كلية الطب في هونغ كونغ، يقول في إجابته عن هذا السؤال: “تُظهر الأبحاث الجارية منذ فبراير 2020، أن الأعراض السريرية لهذا المرض يمكن أن تكون متباينة جداً”.
عند ذروة انتشار الوباء في الصين، قام الباحث بون مع فريق من جامعة نانشانغ بوسط الصين بمقارنة بين مرضى إصاباتهم طفيفة ومرضى يعانون من أعراض حادة، ونشرت النتائج في مجلة “ذي لانست” الطبية البريطانية.
كشفت الدراسة أن الأشخاص الذين يُظهرون أعراضاً بالغة هم “أكبر سناً بكثير” من ذوي الإصابة الطفيفة، وأن تركيز الفيروس في العينات المستخرجة من مسح الحلق والأنف “أعلى بحوالي ستين مرة” منها في عينات الفئة الأخرى من المرضى.
لذا فإن العلماء والأطباء يتساءلون إن كان ذلك ناجماً عن استجابة مناعيّة أضعف بسبب العمر، أو نتيجة تعرض أوّليّ لكمية أعلى من الفيروسات؟
في هذا الصدد أظهرت دراسات جرت على فيروس مختلف هو فيروس الحصبة، أن خطورة المرض مرتبطة بجرعة التعرض الأوّلي للفيروس. فهل ينطبق ذلك على فيروس كورونا المستجدّ أيضاً؟ المزيد من الأبحاث ربما ستجيب عن ذلك.
السؤال الثاني: هل يبقى الفيروس عالقاً في الهواء؟
تشير وكالة الأنباء الفرنسية إلى أنه من المعروف أن فيروس كورونا المستجدّ ينتقل بالملامسة الجسدية، وعن طريق الجهاز التنفسي، ويمكن التقاطه على سبيل المثال من خلال قطيرات اللعاب التي يقذفها شخص مريض حوله عندما يسعل.
لكن هل يبقى الفيروس معلّقاً في الهواء على غرار الإنفلونزا الموسمية التي يمكن أن تنتقل على شكل “رذاذ” محمول في الهواء؟ هذه المسألة لم تحسم بعد.
من جانبه، يقول خبير علم المناعة ومستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول فيروس كورونا المستجد، أنتوني فاوتشي: “لا يمكن أن نستبعد كلياً فكرة أن يكون الفيروس قادراً على اجتياز مسافة معينة في الجو”.
كذلك أثبتت دراسة أمريكية نشرت نتائجها في مجلة “نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين” أن فيروس كورونا المستجدّ يمكن أن يبقى حياً في المختبر لثلاث ساعات على شكل جزيئات معلقة في الهواء.
لكن لا يعرف إن كان ذلك يلعب دوراً في انتقال المرض، لذا تتساءل رئيسة قسم الأمراض المعدية في مستشفى سانت أنطوان في باريس، كارين لاكومب: “هل الفيروس موجود في محيطنا؟ هل يبقى في الجو أو على الأسطح لمدة طويلة؟ هذا ما لا نعرفه. نعرف أنه يمكننا العثور على أثر للفيروس، لكن لا نعرف إن كان هذا الفيروس ينقل العدوى”.
السؤال الثالث المُحير أيضاً: كم عدد المصابين بالفيروس؟
هذا السؤال ينطبق على جميع سكان الأرض البالغ عددهم سبعة مليارات، فكم منهم أصيب بالفيروس؟ باستثناء بعض الدول القليلة التي تبنّت على وجه السرعة سياسة الكشف المبكر من خلال حملات فحوص مكثفة واسعة النطاق، مثل كوريا الجنوبية وألمانيا، حيث يمكن فحص نصف مليون شخص في الأسبوع، لذا يبقى عدد المصابين المعروف تقريبياً إلى حد بعيد.
فعلى سبيل المثال، قدرت الحكومة البريطانية، في 17 مارس 2020، عدد الإصابات بـ55 ألفاً، في حين أن أقل من ألفي شخص ثبتت إصابتهم من خلال اختبارات الكشف.
يُعد التوصل إلى معرفة مدى انتشار الوباء بدقة من أجل عزل حاملي الفيروس وتأمين علاج جيد لهم أمراً أساسياً، وفي مرحلة ثانية، من المهم رصد الذين أصيبوا بالفيروس ويمكن الافتراض أنهم اكتسبوا مناعة ضدّه.
لكن هذا لن يكون ممكناً إلا مع جيل جديد من الفحوص، وهي الفحوص المصليّة التي ترصد البصمة المناعية التي تركها الفيروس في الدم، وفقاً للوكالة الفرنسية.
ماذا لو كان يتأثر فيروس كورونا بالأحوال الجوية؟ هذا السؤال الرابع الذي ما يزال العلماء يبحثون عن إجابة دقيقة عنه، لاسيما أن سؤالاً مشابهاً يُطرح: هل يتلاشى وباء كوفيد-19 مع تحسن الطقس في النصف الشمالي من الأرض ويختفي مع عودة الحر؟ يقول الخبراء إن هذا محتمل، لكنه غير مؤكد.
يستندون في رأيهم هذا إلى أن الفيروسات التنفسية من نوع الإنفلونزا الموسمية تكون أكثر استقراراً في الطقس البارد والجاف، ما يعزز إمكانية انتقالها.
كما أظهرت دراسة أجراها أساتذة جامعيون في هونغ كونغ أن فيروس سارس الذي اجتاح آسيا في 2002-2003 متسبباً في وفاة 774 شخصاً، وهو من سلالة الفيروس المتفشي حالياً، يقاوم بشكل أقوى في درجات حرارة متدنية ونسب رطوبة ضعيفة.
ومن المنطقي بنظر بعض الخبراء الافتراض أن الفيروسين لهما الاستجابة ذاتها للظروف الجوية.
لكن دراسة جرت مؤخراً في كلية هارفارد للطب في بوسطن، خلصت إلى أن “تبدل الأحوال الجوية (ارتفاع الحرارة والرطوبة مع حلول الربيع والصيف) لن يؤدي وحده بالضرورة إلى انحسار الإصابات بكوفيد-19، من دون اتخاذ تدابير صحية شديدة”.
السؤال الأخير هو: لماذا الأطفال أقل عرضة للمرض؟
يبقى الأطفال أقل عرضة بكثير من البالغين للإصابة بوباء كورونا، وإذا ما ظهرت عليهم أعراض فإنها تكون بصورة عامة طفيفة، كالأعراض التي ذكرها فريق صيني في مارس، في مجلة “نايتشر”.
من أصل الأطفال العشرة المصابين بفيروس كورونا المستجد الذين تناولتهم الدراسة، لم يُظهر أي منهم أعراضاً خطيرة، بل اقتصرت الأعراض على ألم في الحلق وسعال وحمى خفيفة.
يظهر ذلك بجلاء أكبر لدى الأطفال الذين يقيمون مع أشخاص مصابين، إذ إنهم أقل عرضة بمرتين أو ثلاث مرات للعدوى من البالغين. لا أحد يعرف سبب ذلك، لكن الأمر نفسه لوحظ عند انتشار فيروس سارس في 2002-2003.
في هذا الصدد، قالت كارين لاكومب ملخصةً الوضع: “ثمة أمور كثيرة لا نعرفها، وعلينا بالتالي أن نتحلى بالكثير من التواضع”.