تقرير لقناة أميركية يجر الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال للمساءلة
هوية بريس – متابعة
الإثنين 07 دجنبر 2015
وجه أمس الأحد نائب في البرلمان الجزائري مساءلة للوزير الأول عبد المالك سلال، يسأله فيه عن صحة ما أوردته قناة أميركية تؤكد عزم الجزائر استثمار 260 مليار دولار في مدينة ديترويت الأميركية.
يأتي ذلك بعد أن بثت إحدى القنوات الأميركية تقريرا يرصد جوانب من زيارة وفد جزائري يرأسه وزير الصناعة عبد السلام بوشوارب، رفقة رئيس منتدى رؤساء المؤسسات علي حداد، لأميركا، ويضم الوفد نحو 43 رجل أعمال جزائريا.
جاءت الزيارة على هامش أعمال مجلس الأعمال الجزائري الأميركي الذي انعقد بين 30 نوفمبر والخامس من ديسمبر الحالي.
وظهر بوشوارب رفقة مسؤولين أميركيين، منهم عمدة ديترويت، الذي أكد عزم الجزائر على استغلال 260 مليار دولار سندات بالخزينة الأميركية كاستثمارات من الجزائر حتى 2020 بمدينته التي أعلنت إفلاسها عام 2013 لتداعيات الأزمة الاقتصادية التي عرفتها أميركا عام 2008.
وقد أثارت هذه الزيارة جدلا واسعا بالجزائر، كونها تأتي في وقت تشهد فيه البلاد أزمة اقتصادية خانقة، مما دفع بالحكومة إلى إقرار موازنة انتقدتها المعارضة كونها تتضمن تدابير تقشفية تستهدف جيوب الفقراء بالدرجة الأولى.
تشكيك وجدل
ورغم الجدل الواسع الذي شهدته الجزائر، خلال اليومين الأخيرين بشأن هذا الموضوع، فإنه لم يصدر أي تصريح رسمي يكذب أو يؤكد ما بثته القناة الأميركية.
وطالب مدونون ونشطاء في شبكات التواصل الاجتماعي حكومة بلادهم بتوضيحات.
في السياق، اعتبر الإعلامي والناشط السياسي سليم صالحي ما جاء بالتقرير الأميركي خطيرا جدا، ويوجب تفسيرات من طرف الوزير بوشوارب وصاحب “الباتروتنا” منتدى رؤساء المؤسسات علي حداد.
من جانبه، علّق المُدون سعيد يوسف عبر صفحته بفيسبوك ساخرا “كان من المفترض أن يرسلوا وزيرة التضامن، لأن ديترويت مدينة مفلسة لا يصلح فيها إلا العمل الخيري لوجه العم سام وليس لوجه الله لعله يرضى عنهم!”.
التقرير الأميركي حرّك بالمقابل النائب بالبرلمان عن حركة مجتمع السلم (إسلامي معارض) ناصر حمدادوش بتوجيه سؤال كتابي للوزير الأول -حصلت الجزيرة نت على نسخة منه- طالبه فيه بتقديم توضيحات حول حقيقة هذه القضية، وعن مصدر هذه الأموال، وعن حقيقة فتح الصناديق السيادية بالخارج عموما، وفي أميركا خصوصا.
سؤال كتابي
وأضح حمدادوش للجزيرة نت أن هذه القضية كانت صادمة بالنسبة له، وبالنسبة للرأي العام الجزائري، لأن فيها نوعا من الغموض وغياب الشفافية. ففي الوقت الذي تتحدث فيه السلطة “عن شح الموارد المالية، وتفرض مزيدا من الضرائب والرسوم والزيادات على الجزائريين، تدخل البلاد في أزمة خانقة، ويخرج علينا وزير الصناعة بخبر استثمار 260 مليار دولار في أميركا”.
وبيّن أن هذا المبلغ يفوق احتياطي الصرف الجزائري، ويساوي الغلاف المالي المخصص للمخطط التنموي الخماسي للرئيس بوتفليقة ما بين 2014 و2019.
وانتقد صمت الحكومة بشأن القضية، التي لولا الإعلام الأميركي “لما عرف عنها الجزائريون شيئا، ما يكرس برأيه غياب الثقة بين الحكومة والشعب.
واعتبر أن انفراد الحكومة ورجال المال باتخاذ القرار يشير إلى أن مؤسسات الدولة تم اختطافها من طرف من أسماهم “مافيا المال السياسي الفاسد”. هؤلاء يقول عنهم “هم الذين يحكمون، ويقررون، ويؤكدون وجود دولة موازية تقرر بدلا عن مؤسسات الدولة الرسمية”.
وعن السرّ في توجيه سؤال كتابي وليس شفويا، أوضح أن الأسئلة الشفوية غير مقيدة بسقف زمني للرد عليها، بينما الأسئلة الكتابية تجبر أعضاء الحكومة الذين وجهت لهم بالرد عليها كتابيا في مدة أقصاها شهر.
ويتوقع أن يحصل على توضيح كتابي من الوزير الأول في غضون هذه المدة، وبيّن أن الرد الكتابي يكون بمثابة وثيقة رسمية يتم الاستناد إليها في المواقف الخاصة بهذه القضية مستقبلا.
ولم يستبعد البعض أن تكون القناة الأميركية قد أخطأت في تقريرها، كون المبلغ الذي ذكرته يساوي ما رصدته الجزائر للمخطط التنموي الحالي، لكن تجاهل الحكومة لحالة الجدل التي أثارتها القضية عمّق من الشكوك، وجرّ الوزير الأول للمساءلة البرلمانية.