تقرير مرفوع إلى الملك يفضح الوضع الكارثي للمستشفيات العمومية
هوية بريس – متابعات
كشف المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره السنوي برسم سنتي 2019-2020، المرفوع إلى الملك محمد السادس، عن وضعية كارثية تعيشها المستشفيات العمومية التابعة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، التي يشرف عليها الوزير خالد آيت طالب.
وأورد المجلس، في تقريره الصّادر حديثا، أنه واصل مراقبته للمراكز الاستشفائية الإقليمية والجهوية التابعة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، التي تدبر على شكل مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة؛ “وذلك إثر المراقبات التي شملت في السنوات السابقة ما يقارب عشرين مؤسسة صحية مماثلة”.
وفي هذا الإطار، قام المجلس، بتعاون مع المجالس الجهوية للحسابات، بمراقبة تسيير خمسة مراكز استشفائية جهوية (وجدة، والرشيدية، وسوس ماسة، والداخلة، وكلميم)، وثلاثة مراكز استشفائية إقليمية (خريبكة، وورززات، والقنيطرة)، وكذا المستشفى الإقليمي بالعرائش.
ومكنت مراقبة تسيير المؤسسات الاستشفائية المذكورة من الوقوف على العديد من الملاحظات التي لها طابع بنيوي ومشترك، وسبق أن أثيرت من طرف المجلس الأعلى للحسابات.
وتخص هذه الملاحظات البنيوية مجموع مجالات تدبير المراكز الاستشفائية، وعلى وجه الخصوص البنايات والبنية التحتية والتجهيزات الاستشفائية، والموارد البشرية، والأدوية والمستلزمات الطبية، وكذا المداخيل الذاتية.
وفي ما يتعلق بالبنايات والبنية التحتية والتجهيزات، يورد المجلس: ”رغم المجهودات المبذولة من طرف الوزارة في السنين الأخيرة، يلاحظ أن العديد من البنايات والبنية التحتية الاستشفائية قديمة، وقليلة الصيانة، وغير مناسبة لتقديم الخدمات الملائمة للمرضى، كما أن الطاقة الاستيعابية غالبا ما تكون غير كافية، وخاصة في ما يتعلق بعدد الأسرة”.
بالإضافة إلى ذلك، ”تشكو مختلف مصالح المؤسسات الاستشفائية من نقص في توفير المعدات الطبية والتقنية الأساسية. كما أن العديد من المعدات الأساسية المتوفرة قديمة وقليلة الصيانة، أو غير صالحة للتشغيل، ما يؤدي في مجموعة من الحالات إلى توقف بعض الأنشطة والمرافق الأساسية لتقديم الخدمات العلاجية. وهذا يؤثر سلبًا على عرض وجودة الخدمات الطبية المقدمة للمرضى”، وفق المصدر ذاته.
وفي ما يتعلق بالموارد البشرية، يشدّد التقرير، “تعاني المستشفيات التي تمت مراقبتها، بشكل عام، من نقص في الأطر الطبية وشبه الطبية، وذلك على مستوى جميع المصالح، سواء السريرية أو الطبية التقنية، ما ينتج عنه تأثير سلبي على الخدمات العلاجية وعلى جودة التكفل بالمرضى، وكذا على قدرة المستشفيات على تقديم جميع الخدمات على النحو المطلوب وفق الضوابط الواردة في النصوص التنظيمية”.
وتسجل الملاحظة نفسها بخصوص الموظفين الإداريين والتقنيين، ما يؤثر على حسن تدبير المراكز الاستشفائية، لاسيما على مستوى استقبال المرضى وتوجيههم، وتشغيل وتوفير المعدات الطبية، واستخدام وتسجيل البيانات الخاصة بالمرضى على التطبيقات المعلوماتية، وتدبير الأنشطة المرتبطة بفوترة الخدمات العلاجية.
ويضاف إلى ذلك “توزيع غير متوازن للموارد البشرية على المستوى الترابي ومردودية محدودة للموارد البشرية، وخاصة في المناطق النائية”. ويفسر النقص المسجل في الأطر الطبية وشبه الطبية، بشكل خاص، بـ”انخفاض مستوى التوظيف في وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بالمقارنة مع ارتفاع الطلب على الخدمات الصحية، وبالحاجة إلى تعويض المغادرين”.
ويشير التقرير المرفوع للملك محمد السادس إلى النقص الحاصل في عدد الموظفين، إذ إن بعض المهام الإدارية، خاصة على مستوى الاستقبال والتوجيه، تعهد إلى مستخدمين تابعين للشركات الخاصة العاملة في المستشفيات، ومنهم أعوان الحراسة.
وعلى صعيد آخر، تم تسجيل مجموعة من النقائص من حيث توفير الأدوية والأجهزة الطبية ومستهلكات المختبرات الضرورية، مع ما يترتب عن ذلك من تأثير على مستوى التكفل المناسب بالمرضى وجودة الخدمات المقدمة لهم. كما أن المقاربة المتبعة في هذا المجال، والمتمثلة في عمليات الشراء الجماعي على مستوى المصالح المركزية بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، تؤدي إلى تأخر كبير وعدم الانتظام في عمليات تزويد الصيدليات بهذه المنتجات، ما ينتج عنه نفاد في مخزون بعض الأدوية.
وعلى صعيد المداخيل الذاتية فإن مستوى مداخيل المؤسسات الاستشفائية يبقى منخفضا، بالنظر إلى حجم أنشطتها، وذلك راجع إلى مجموعة من الأسباب، من أهمها عدم جاذبية المستشفيات العمومية بالنسبة للمرضى، وكذا الاختلالات على مستوى الفوترة والتحصيل، إذ إن تدبير المداخيل الذاتية يتسم بعدة نقائص على المستوى التنظيمي لوظائف الفوترة وتحصيل المداخيل، ما يؤدي إلى عدم استيفاء تكاليف الاستشفاء من طرف عدد من المرضى ويؤثر بشكل كبير على موارد المستشفيات، وفق المصدر المذكور.
وأوصى المجلس الأعلى للحسابات وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بتأهيل المرافق والبنية التحتية الاستشفائية، وتزويد المراكز الاستشفائية بالموارد البشرية والمعدات والأجهزة اللازمة، لتحسين جودة الخدمات، والحرص على التزويد المنتظم للمراكز الاستشفائية بالأدوية واللوازم الطبية؛ كما أوصى باتخاذ الإجراءات الضرورية من أجل ضمان توفير شروط ملائمة للاستقبال والتوجيه والتكفل بالمرضى، وتحصين عملية الفوترة وتحصيل المداخيل الذاتية.
كما يؤكد المجلس على أهمية وضع نظام معلوماتي فعال، والحرص على استغلاله لدعم أنشطة المستشفيات.