تقييم تفاعل حركة “حماس” مع الهجوم الإيراني
هوية بريس- محمد زاوي
حيث سارعت بعض الآراء والمواقف الإيديولوجية إلى اعتبار الهجوم الإيراني دخولا في الحرب، توقف بيان حركة “حماس” عند “تأييد الحق الإيراني في الدفاع عن سيادته”.
فقد جاء في البيان أن حركة “حماس” تعتبر “العملية العسكرية التي قامت بها الجمهورية الإسلامية في إيران ضد الكيان الصهيوني المحتل، حقا طبيعيا وردا مستحقا على جريمة استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق واغتيال عدد من قادة الحرس الثوري فيها”. وهذا موقف لا يحرج “حماس” أمام الموقف الرسمي العربي، لأن السياق سياق عدوان إسرائيلي على قطاع غزة، ولأن “حماس” تعلن بصراحة عن دعم إيران لسياستها العسكرية، كما أن الهجوم جاء في إطار رد وردع سياديين.. وكل هذه الاعتبارات تُقرأ في إطار الموقف العام ل”حماس” من جميع الدول العربية والإسلامية، وهو موقف حيادي يلتزم بقواعد السياسة الدولية في العموم، وبقاعدة “رابح رابح” في العلاقة بالدول الداعمة (نستثني من هذا موقف جزء من الحركة زمن فتة “الربيع”، وهو موقف تم تصحيحه في العلاقة بمصر، ثم سوريا في ما بعد).
وحيث سارع البعض إلى النكاية وخلط الأوراق وتقييم الموقف السياسي للنظام العربي الرسمي بمرجعيات غير سياسية، اكتفت “حماس” بتجديد دعوتها إلى مساندة حق الشعب الفلسطيني ونصرة “طوفانه” ضد الاحتلال الصهيوني. فقالت الحركة في ذات البيان: “إننا وإذ نؤكد على الحق الطبيعي للدول ولشعوب المنطقة في الدفاع عن نفسها في مواجهة الاعتداءات الصهيونية، لندعو أمتنا العربية والإسلامية وأحرار العالم وقوى المقاومة في المنطقة لمواصلة إسنادهم لطوفان الأقصى، ولحق شعبنا الفلسطيني في الحرية والاستقلال وإقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس”.
وهنا تؤطر حركة “حماس” موقفها من الدول والشعوب العربية ب”واجب النصرة”، مع “حفظ حق كل دولة في الدفاع عن سيادتها وفق شروطها الخاصة”.. وموقف “حماس” هنا يتراوح بين المبدأ العام وهو “مطلق النصرة”، ومقتضى البراغماتية السياسية وهو “الاستفادة من الموقفين الرسمي والشعبي حسب الممكن سياسيا”.. بهذا تحافظ الحركة على قضيتها في خضم الخلاف العربي-العربي أو الخلاف الإسلامي-الإسلامي. الضرورة ليست طوقا في عنق الوطن العربي والإسلامي فحسب، بل في عنق “حماس” أيضا.. من يمارس السياسة يعي هذا جيدا، و”حماس” حتما تمارس السياسة، وقد تعلمت ما لم تتعلمه بعض مثيلاتها في الإيديولوجيا!