حين يمرض التمويل قبل المريض.. لغز 9,5 مليارات درهم المفقودة في دهاليز الصحة العمومية

هوية بريس – متابعات
بعثت الشبكة الوطنية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة رسالة إلى رئيس الحكومة ووزير الصحة والحماية الاجتماعية ووزيرة الاقتصاد والمالية والوزير المنتدب المكلف بالميزانية، دعت فيها إلى تمويل حقيقي ومستدام للمستشفى العمومي ضمن نظام التغطية الصحية “أمو تضامن”، محذّرة من تفاقم العجز المالي والهيكلي بالمستشفيات العمومية.
وأشادت الشبكة بتخصيص الحكومة نحو 9,5 مليارات درهم سنويًا لضمان التغطية الصحية لحوالي 11 مليون مستفيد في إطار النظام الجديد، لكنها نبّهت إلى أن آليات الصرف المعتمدة حدّت من فعالية هذا التمويل، مما أثر سلبًا على أداء المرافق الصحية العمومية.
تراجع تمويل القطاع العام بسبب حرية الاختيار
وأوضحت الشبكة أن نظام “أمو تضامن”، بخلاف نظام “راميد” السابق، الذي كان يوجّه التمويل مباشرة إلى المستشفيات العمومية، أصبح يمنح المستفيدين حرية الاختيار بين القطاعين العام والخاص، مما سمح للمصحات الخاصة بالاستفادة من حصص مالية كبيرة من الميزانية المخصصة للتغطية الصحية.
وأضافت أن هذا التحول أضعف تمويل القطاع العام وأدى إلى نقص الأدوية والتجهيزات الأساسية، مشيرة إلى أن حوالي 44 في المائة من المستفيدين يلجؤون إلى القطاع الخاص بسبب ضعف جودة العرض العمومي، ما ينذر — حسب قولها — بمزيد من التدهور في حال استمرار الوضع الراهن.
دعوة لتحويل مباشر للتمويل العمومي
وطالبت الهيئة الحقوقية بـالتحويل المباشر للغلاف المالي البالغ 9.5 مليارات درهم إلى حسابات المستشفيات العمومية، بما في ذلك المجموعات الصحية الترابية والمراكز الاستشفائية الجامعية، عبر آلية محكمة لتحويل التعويضات من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، ضمانًا لشفافية التمويل واستدامته.
إصلاح الإطار القانوني والرقابي
ودعت الرسالة إلى تحديث الأطر القانونية والتنظيمية للقطاع الصحي لربط التمويل بمؤشرات الأداء وجودة الخدمات، وتحديث التعريفات الوطنية المرجعية للعلاجات مع إلزام القطاعين العام والخاص بالالتزام بها، بما يحقق عدالة في صرف التعويضات ويمنع تجاوزات الأسعار.
كما طالبت الشبكة بـتفعيل آليات الرقابة المالية وإقرار حوكمة مؤسسية شفافة تشمل المجلس الأعلى للحسابات وهيئات المراقبة العليا، من أجل ضمان حسن تدبير المال العام الموجه للصحة، وربط المسؤولية بالمحاسبة.
نحو تمويل يحمي الخدمة العمومية الصحية
وخلصت الشبكة إلى أن إصلاح آلية التمويل هو السبيل لحماية ميزانية الصحة من الاستنزاف، وتمكين المستشفيات العمومية من تقديم خدمات متكاملة وذات جودة عالية لفائدة المواطنين، مؤكدة أن هذا التحول شرط أساسي لإنجاح ورش تعميم التغطية الصحية الشاملة في المغرب.



