توجيه ابن كيران كلمة لزعماء الأمة استشعار كبير للمسؤولية

هوية بريس – حليمة الشويكة
لم يسبق لزعيم سياسي وأمين عام حزب سياسي أن وجه كلمة إلى زعماء وملوك الأمة عشية انعقاد قمة طارئة على إثر اعتداء سافر للكيان الصهيوني على دولة عربية.
والحديث هنا على دولة قطر، الدولة العربية المسالمة. بل الدولة التي عُرفت بأدوارها الرائدة في الوساطة الدولية واحتضان المفاوضات وتيسيرها. والتي تعرضت رغم كل ذلك لاعتداء صهيوني تجاوز كل الخطوط الحمراء.
كما أنه حديث عن كلمة الاستاذ عبد الإله بنكيران التي تم نشرها أمس السبت على إثر انعقاد الأمانة العامة للحزب.
أن يُقدِم الأستاذ عبد الإله بنكيران على توجيه كلمته للزعماء العرب والمسلمين وهم يستعدون للاجتماع في قمة كهذه، فهذا الأمر يتطلب قراءة أبعد من تلك التي يتصدى لها أصحاب النظارات الثابتة والكليشيهات الجاهزة التي يحملها الاصطفاف الايديولوجي على التصنيف الصنمي للأشخاص.
قد يختلف الكثير من الناس مع الاستاذ بنكيران في تقديرات معينة، وفي أسلوبه وكيفية تعبيره عن بعض المواقف. لكن منطق الإنصاف يفرض الاعتراف والتقدير لهذه الشجاعة وهذا الاستشعار الكبير للمسؤولية التاريخية التي عبر عنها في كلمته الصريحة والواضحة.
ليس من السهل أن يدعو زعيم سياسي وأمين حزب سياسي في الوطن العربي الزعماء العرب والمسلمين إلى اتخاذ إجراءات سياسية لردع الكيان الصهيوني المجرم الذي تجاوز كل الخطوط الحمراء بقصفه لعاصمة قطر. وأن يؤسس دعوته تلك، على يقين وبداهة تقول بأن هذا الاعتداء مؤشر على إمكانية توسيع العدوان الصهيوني ليطال عواصم دول عربية أخرى تظن أنها بمنأى عن ذلك، بما فيها المغرب. ولعل الإشارة التي جاءت في كلمته، إلى احتمال استهداف مقر حزب العدالة و التنمية ماهي إلا كناية عن استهداف المغرب، لمن أراد فهم الإشارة والتقاطها، لا لمن يشتغل على صناعة عناوين البوز الإعلامي، أو من يختص في الوشاية والكذب ويسعى للانتقام الرخيص.
ولعل أكثر ما ينبغي الوقوف عنده في كلمة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية هو دعوته الزعماء في قمتهم الطارئة إلى اتخاذ مواقف كفيلة بحماية أمن وسلامة واستقرار المواطنين، وربط هذا الأمر بالعقد الذي يؤسس لشرعية السلطة.
وخلافا للمشوشين والمغرضين الذي حاولوا تعسفا تأويل هذا الكلام بأنه تهديد للاستقرار ودعوة للفوضى، فإن عبد الإله بنكيران بهذا الكلام أكد ما جاء في مختلف الفلسفات التي نظرت للدولة وللسلطة السياسية.
إن نظرية العقد الاجتماعي تعد بمثابة الحجر الأساس الذي يفسر علاقات السلطة بين الحاكم والمحكوم. فالأفراد يقبلون الدخول طواعية في العقد الاجتماعي ويتنازلون عن بعض ماكانوا يتمتعون به قبل ذلك مقابل ضمان الحماية والأمن والاستقرار.
لذلك فإن استدعاء بنكيران لهذه الخلفية الفلسفية هو في الحقيقة، حرص على استقرار السلطة واستقرار الانظمة لا دعوة للتمرد عليها. كما أنه تذكير بأساس العلاقة بين الفرد والدولة وهو الأساس المشروع والشرعي الذي إذا تم نقضه انهار كل شيء. وهذا بالضبط ما دافع عنه فلاسفة العقد الاجتماعي أمثال هوبز ولوك و روسو. فانعدام العقد معناه أن الغلبة للقوة لا للقانون. ومعناه أيضا إحلال الفوضى محل النظام والاستقرار. وعندما تصبح القوة هي الحاكمة فذلك يعني الغياب التام للشرعية والقانون.
ختاما، وبعيدا عن الرد على أراجيف المشوشين، سواء من خدام السلطوية، أو غيرهم من المتجذرين الذين أعمتهم ألوان الأيديولوجيا، ننتظر كما ينتظر العالم أجمع، وعلى رأسه حكام بني إسرائيل، ما ستسفر عنه قمة العرب. وبالتأكيد أن نتائجها ستؤثر في سلوك إسرائيل السياسي والعسكري تجاه الدول العربية، فإن اكتفت القمة بذات البيان الذي يراوح مكانه بين الشجب والتنديد، فلا غرابة إن مد الوحش الصهيوني أيديه وأرجله.
أما إذا كانت مواقف القمة أكثر جرأة وتصعيدا وردعا. فلن تكون انعكاساتها أسوأ إن حدث العكس.



