ثالوث انحطاط المسلمين
هوية بريس – ذ. سفيان أبوزيد
بعد تأمل عميق وقراءة وتتبع لأسباب انحطاط المسلمين، وجدت أنه يرجع إلى ثلاثة أصول:
أولا- الجهل
لأن العلم بالشيء ينبئك عن قيمته وعن طريقة استعماله وعن مقدار ذلك…وهذا ثالوث آخر بين العلم بالشيء والجهل به.
وفي المقابل، الجهل بالشيء يؤدي إلى عدم معرفة قيمته فيوضع دون مقامه ولا يتعامل معه بالجدية التي ينبغي أن يتعامل معه بها، مما يترتب عليه ضعفه وفقدانه مكانته…
وهذا شأن المسلمين اليوم.. جهلهم بدينهم بصورته الشاملة المتكاملة الجميلة الواضحة الحاسمة جعلهم يضعونه في مؤخرة أولوياتهم، وجعله في كثير من الاحيان متخلفا عن ركب سير الحياة، وجعلهم يتهاونون في التعاطي معه والتعامل مع قضاياه…
إلى غير ذلك من مخرجات ذلك الجهل العميق والعقيم.
ثانيا- البخل
وهذا كنتيجة للجهل، فالجهل بالشيء يؤدي إلى إهماله وصرف النظر عنه والتقليل من أهميته، وبالتالي منحه فضلات الاوقات وبواقي الأموال، وفتات الدعم..
وهذا هو البخل في أخطر أحواله وأوضح صوره، ولا نعني بالبخل الجانب المادي فقط بل هناك جانب أخطر منه وهو جانب المعنوي، فالذي لا يضع قضايا دينه وقضايا أمته في الأسطر الاولى من اجندة تفكيره وعمله فهو بخيل تجاه دينه، والذي هو مستعد أن ينفق على كل شيء ويفكر في كل شيء وينجز كل شيء إلا فيما يتعلق بدينه وقضايا مجتمعه وأمته يريدها عرضا مجانيا سهل المنال، فهو بخيل تجاه دينه…
والذي يريد عودة الأمة إلى سابق عهدها تدينا وتخلقا ووعيا وتقدما وكرامة وعزة وهو جالس على أريكته وكأنه يشاهد فيلما سينيمائيا او مباراة كرة قدم فهو بخيل تجاه دينه…
فالبر والصلاح والانجاز والتقدم والعزة والكرامة لا تنال إلا بالبذل والعطاء والتضحية (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون).
وما أنفقت عليه الفتات وجعلته في مؤخرة الاولويات وقللت من قيمته سيبقى كذلك ولن يتغير إلا بتغير موقفك تجاهه (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)
ثالثا- الفساد
الجهل بالشيء يؤدي إلى البخل تجاهه مما يؤدي إلى فساده وإفساده
فالجهل بقيمة الطعام يؤدي إلى البخل في تحصيله ويترتب عليه الهلاك والإهلاك…
كذلك الأمر فيما يتعلق بالدين وقضاياه…
لأننا نعلم بأن الدين ضرورة وهذه القضية ليس هذا محل إثباتها… هذا الجهل بكونه ضرورة مطلقة يؤدي إلى الجهل بقيمته وضعفه وهزاله وانحساره وتخلفه…
هذه الاحوال وهذه الامراض ينتج عنها فراغ عريض عميق لا يمكن ملؤه ولا تجاوزه وإن سكن بمسكن من المسكنات عاد الألم وعادت صفارة إنذاره تدوي…
هذا يترتب عليه أنواع من الفساد
فساد المحل الذي كان يقوم به ويسده
فساد المنتمين إليه
فساد امكاناته وصلاحيته
فساد الحياة وشيوع الظلم وغياب القيم
(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس)
وهذه الاوضاع غنية عن الاثبات في عالمنا
اللهم إنا نعوذ بك من الجهل بديننا
ونعوذ بك من البخل تجاه ديننا
ونعوذ بك من أن نكون سببا وعاملا في الفساد أو الافساد.