ثلاثية التطرف
هوية بريس – سفيان أبوزيد
التطرف أخذ الطرف والابتعاد عن الوسط مما يؤدي إلى الاختلال والسقوط والدمار…
والتطرف ثلاثة أنواع
تطرف في الدين
وتطرف في الابتعاد عن الدين
وتطرف مفتعل مصنوع
أما الأول..
فهو العمل بالنصوص الشرعية دون مراعاة لفقهها أو مقاصدها أو ترتيب العمل بها…
وهذا جهل مركب بالدين، وتدين خطير العواقب، وإن أمتعتنا مظاهره، من إقبال الشباب على المساجد، وعلى حفظ القرآن والسنة، وظهور ملامح الدين على الرؤوس والوجوه والثياب، وبعد الشباب عن الاختلاط، وعن أماكن الرذيلة…
ومن خلال قراءاتي ومناقشاتي وتجربتي في المجال الدعوي والشرعي تبين لي أن هذا النوع من التطرف له أسباب ودوافع أذكر منها:
1- عدم احترام المكون المتدين في المجتمع وإقصاء اختياره في جميع مظاهر الحياة الاجتماعية والثقافية والإعلامية والترفيهية، مما يجعله متقوقعا ساخطا متذمرا…
2- استبداد الدولة بالشأن الديني وخاصة على مستوى المساجد والمؤسسات العلمية والمهتمة بالشأن الديني، وعدم إشراك كل المكونات الأخرى في هذا الشأن، واعتبار أن كل من خالف اختيار الدولة متطرفا خارجا عن ميدان الوسطية، مما يدفع تلك المكونات إلى العمل بشكل منفرد، والتسخط على مظاهر ذلك الاستبداد الناعم.
3- تعامل الدولة مع الأطر العلمية العاملة في الشأن الديني الرسمي، بمنهجية التعليمات، والأوامر والتهديد والترهيب، وعدم فسح المجال أمامهم للإبداع والاجتهاد والابتكار والخروج من ربقة التبعية المطلقة.
4- التضييق على أهل الفكر الوسطي، وشيطنتهم، وإقصاؤهم، واتهامهم بتهم الإرهاب الجاهزة على المقاس…
5- حصر مفهوم الوسطية في مذهب من المذاهب دون غيره من المذاهب الفقهية أو العقدية المعتبرة…
6- القبول بأي فكر من الأفكار الدخيلة على المجتمع وإن لم تتوافق وثوابتَه، بدعوى الانفتاح والحرية، وبالمقابل منع أي تعامل مع المذاهب الفقهية الأخرى والسماح بتشويهها أو تجريم الأخذ بها…
7- تخلف الوسائل الدعوية المستعملة من طرف الجهات المعنية بالشأن الديني، وغياب أثرها في الإجابة على أسئلة المتسائلين، وغيابها في التعليق على بعض الأحداث، والمواقف وترشيد التوجه فيها…
8- التصفيق لكل ما يقننه الحاكم أو يقره وإيجاد المخارج لذلك دون تردد…
9- ضعف مناهج التربية الإسلامية في المؤسسات التعليمية بمختلف مراحلها نوعا وكما…
10- فتح المجال أمام كل لسان للتنظير والطعن في أحكام الشرع دون ضابط بدعوى حرية التعبير…
11- الإغراق في التبديع والتفسيق والتكفير…
12- التعالم والحديث فيما لا يحسن من العلوم الشرعية خاصة ما يتعلق بالفقه والإفتاء…
13- عدم احترام المنهج المقاصدي في الدراسات الشرعية، وفي التعامل من النصوص الشرعية…
14 – عدم احترام فقه الخلاف وتدبيره…
15- اعتماد اللامذهبية منهجا والاستهانة بالثروة الفقهية…
16- الإغراق في الحرفية والظاهرية المقيتة…
17- الإغراق في الخرافة وتسخير كل الوسائل لإنعاشها واستمرارها…
18- عدم قيام العلماء بدورهم التوجيهي والإرشادي وقربهم من الشباب…
19- غياب العلماء عن مواقف الصدح بالحق، وعدم قيامهم بدورهم الاقتدائي…
20- المعالجات الأمنية المتجاوزة…
21- عدم مواكبة الوسائل المستعملة لترسيخ الثوابت الدينية الثلاثة أو الاختيارات المغربية الثلاثة – المذهب المالكي، العقيدة الأشعرية، التصوف السني – على سبيل المثال -للعصر ومتطلباته…
22- عدم تعاون كل مكونات المجتمع ومؤسساته في الحفاظ على وسطية الدين والتدين…
هذه العشرون هي في نظري الأسباب المهمة لظهور نابتة التطرف واستمرارها، ولا يمكن القضاء أو على الأقل تضييق دائرة التطرف إلا بمعالجة أو مكافحة تلكم الأسباب…
في مقالات أخرى نتحدث عن أنواع التطرف الأخرى وأسباب ظهورها…
وفقك الله سيدي سفيان .
وضعت إصبعك على الجرح