جبهة: الحكومة تدافع عن لغة الأجنبي أكثر مما يفعله “شيوخ الأكاديمية الفرنسية”
هوية بريس – متابعات
وجهت الجبهة المغربية للاستقلال اللغوي نداء إلى العموم من أجل عدالة لغوية وإنهاء تغول لغة فرنسا.
وقالت الجبهة في رسالة لها توصلت “هوية بريس” بنسخة منها “لقد أثبتت الحكومة للمغاربة أنهم أمام حكومة مفرنسة تفضل الدفاع عن لغة فرنسا أكثر مما يفعله شيوخ الأكاديمية الفرنسية أنفسهم.
تظهر سياسات الحكومة تسخيرها للسلطة المخولة لها لدعم النموذج اللغوي الأجنبي الذي يواجه رفضاً يومياً. هناك العديد من المواقف والحوادث التي تؤكد هذا الأمر، ومنها صمت السلطة التنفيذية تجاه فضيحة مراسلة “أونسا” الأخيرة بشأن فاكهة البطيخ الملوثة والتي صيغة بلغة صادرة ضد استعمالها أحكام قضائية نهائية. وهذه الفضيحة ما هي الا واحدة من المحطات المخزية منذ تشكيل الحكومة والتي دشنت ولايتها بوضع رأسه في الرمال حين تعالت الأصوات والحملات الشعبية المطالبة بإنهاء وجود لغة فرنسا.
لقد دخلت الحكومة في سلسلة من المواقف المحرجة، وأصبحت معروفة بتجاهلها للقضايا اللغوية الحساسة. فهي امتنعت عن التجاوب مع مضمون الدراسة الميدانية التي أنجزها البرلمان وجدد فيها المغاربة ارادتهم بإلغاء وجود اللغة الاستعمارية، واستخدمت بذلك سلطتها التنفيذية لعرقلة تطبيق القانون ضد اللغة الأجنبية التي تبقى غير القانونية.
إن عدم تصدي الحكومة لهذه القضايا واستمرارها في سياساتها المشوبة بالتجاهل والتقاعس، يؤكد حرص الحكومة على المصالح الضيقة لفئة كانت دائما المستفيد الوحيد من عملية الاقصاء اللغوي التي مورست على المغاربة من خلال تكريس النموذج اللغوي اللاوطني خلال فترة سحيقة من تاريخ المغرب الحديث.
ان الحكومة لا تدرك التطور الدمقراطي الذي حققه المغرب، والذي يجب أن يجد لنفسه تكريسا أيضا في ما يتعلق بالاختيارات اللغوية، سواء ما تعلق منها بتعزيز اللغتين الوطنيتين أو الاستجابة لحق المغاربة في الرفع من حضور اللغة الإنكليزية والتخلص من الإرث اللغوي المترتب عن فترة الاستعمار.
اختارت الجبهة المغربية للاستقلال اللغوي، توجيه هذا النداء الى جميع أبناء وبنات الوطن العزيز، وكذا إلى الحكومة وخاصةً وزارة الانتقال الرقمي، للنظر في ضرورة تعديل القانون رقم 54.19 بمثابة ميثاق المرافق العمومية. إن هذا التعديل يهدف إلى تحقيق العدالة اللغوية واحترام حقوق اللغتين الرسميتين لبلادنا، وذلك من أجل بناء وطن يستند إلى تنوعه الثقافي واللغوي الوطني وليس للعنصر اللغوي الأجنبي الذي فرض على المغاربة من خارج الدستور وضد ارادتهم.
إن الجبهة المغربية للاستقلال اللغوي، وهي تجمع يضم عشرات الفاعلين إضافة الى جمعيات وهيئات غير حكومية، تؤمن بأن التصالح مع جوانب الهوية الوطنية يجب أن يشمل أيضًا تطوير سياسة لغوية تعكس تطلعات الشعب المغربي. لا يمكن أن يستمر الاعتماد على لغة أجنبية على حساب لغتينا الوطنيتين، والتي تحملان تاريخًا وثقافةً غنية. إن استمرار استخدام لغة أجنبية يؤثر بشكل سلبي على الشعور بالانتماء والهوية الوطنية.
ان الفقرة المتعلقة باستعمال اللغتين الرسميتين في ميثاق المرافق العمومية لم تلبِ دعوات حملات التوعية والمطالبات الشعبية بالاستقلال اللغوي. نحن نشجب الاستمرار في تجاهل إرادة الشعب والالتفاف على نتائج الدراسات الميدانية، آخرها تلك التي أنجزها البرلمان وسعت الحكومة الى تجاهلها، والى اقبار ما تعلق منها بلغة فرنسا، والتي أظهرت تأييد الشعب لاعتماد لغتينا الوطنيتين في الإدارة والخدمات العامة والاعلام.
ان الجبهة الوطنية للاستقلال اللغوي، واذ تدين أيضًا محاولات بعض الجهات الحكومية والإدارية الاستمرار في استخدام لغة أجنبية بشكل غير قانوني، وذلك على حساب اللغتين الرسميتين وبالتالي تجاهل الإرادة الشعبية والدستورية، تؤكد أنه من المهم تبني سياسة لغوية دستورية تجسد إرادة الشعب وتضمن الاحترام المتبادل بين لغتينا الوطنيتين.
وإذ تعتبر الجبن والخنوع الذي تعكسه مبادرات الحكومة، ما هو الا تصريف لرغبات شخصية لوزراء لا يخجلون من ممارسة فرانكفونيتهم علنا، فإنها تطالب بوقف تغول لغة فرنسا، الذي لا يتماشى مع المطالب والحملات الشعبية الواسعة المطالبة بالقطع النهائي مع لغة التخلف (اللغة الفرنسية) ولا يرقى الى تجاوب كافي مع إرادة المغاربة الداعية إلى التخلي عن السياسات اللغوية التقليدية التي تفضّل لغة فرنسا على حساب لغتي البلاد. ومطالب الاستقلال اللغوي التام والكلي، والذي يتجاوز مجرد إيجاد حيز للغتي المواطن في مقام يأتي بعد لغة فرنسا، وهو مطلب يعبّر عن إرادة شعبية تسعى إلى تحقيق توازن لغوي عادل يعكس تراثنا الثقافي المتنوع.
ان الفقرة المشار اليها، ما هي الا محاولة من حكومة تفتخر بفرانكفونيتها دون خجل، للالتفاف على نتائج الدراسة الميدانية الرسمية التي أعدها البرلمان، والتي أبدى فيها المغاربة رفضهم لتواصل تغلغل لغة فرنسا في الإدارة والإعلام العمومي. هذا التغلغل بعد أحكام القضاء ومنشورات رئيس الحكومة ومستجدات أخرى، بات يمثل انتهاكًا لإرادة الشعب ويعزز التحيز نحو لغة بلد آخر، مما يُضعف مكانة لغتي البلاد ويؤثر على التواصل الثقافي والإداري والاعلامي الداخلي.
ان الجبهة المغربية للاستقلال اللغوي، اذ تدين استمرار ترسيخ الوزارة المعنية والحكومة عموما، لسياسة تفضيل لغة فرنسا على حساب لغتي الوطن، مما ينتهك حقوق اللغة ويُهدِّد التوازن اللغوي، تنبه الى أن السياسات اللغوية المتخلفة التي تفضل لغة مجتمع آخر، تنطوي على تجاوز لإرادة الشعب، وعلى معاداة للتطلعات المجتمعية والثقافية للمغاربة. كما تزداد هذه القضية أهمية خلال الفترة الحالية، حيث تأتي في ظل حملات شعبية متنامية تسعى إلى تحقيق العدالة اللغوية القائمة على احترام اللغتين الوطنيتين وتقديس الحقوق اللغوية للشعب المغربي وتعزيز الانفتاح على اللغة الإنكليزية لكونها لغة العالم الذي يبقى المغرب جزءا منه.
ان السياسة اللغوية القائمة على تقديس العنصر اللغوي الأجنبي غير القانوني، تنسف جميع جهود اصلاح الإدارة والتحول الرقمي للخدمات، وتمنع عموم المغاربة من حقهم في المعرفة والاطلاع على المعطيات وتضرب مبدأ الشفافية وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية.
وبناء على ما سبق ذكره، نؤكد على ضرورة مراجعة وتعديل ميثاق المرافق العمومية ليتماشى مع تطلعات الشعب وإرادته، وأن تكون اللغتين الوطنيتين في قلب سياسات الحكومة والإدارة. من الضروري تبني سياسة لغوية تُعبّر بوضوح عن تعددية الهويات واللغات الدستورية في بلادنا، وتضمن الاحترام المتبادل والتواصل الفعّال بين الادارة والمواطنين.
ندعو الحكومة ووزارة الانتقال الرقمي لأن تكونا واعيتين بهذه القضية ولتتخذا الخطوات اللازمة لتحقيق التوازن اللغوي. ويجب وضع ميثاق يضمن استخدام لغتينا الوطنيتين في جميع المرافق العمومية، ويقضي بإلغاء استخدام لغة فرنسا، مع الانفتاح ضمن حيز معقول على اللغة الإنكليزية بكابتها بدل الفرنسية في اللوحات التشويرية وأسماء الإدارات الحيوية والوزارات وعلى رؤوس الوثائق وأسماء الشوارع .
نطالب بفتح آفاق جديدة أمام لغتينا الوطنيتين وتبني اللغة الإنكليزية كلغة ثالثة تسهم في التواصل الدولي وتستعمل في اللوحات التشويرية وأسماء الإدارات في الوثائق تحت اللغتين الرسميتين والتخلي عن اللغة الفرنسية المتخلفة بما تكرسه من تبعية وانغلاق عن العالم الفسيح المتنوع، وذلك اعتبارا للتنوع الذي ما فتئ يتزايد في بنية الجنسيات المقيمة بالبلاد والتي ينتمي معظمها لفضاءات من خارج الفضاء الفرانكفوني الضيق، وايمانا منا بأن المغرب جزء من العالم الواسع وليس جزء من فرنسا. وقد حان الوقت لنهضة لغوية تعكس تطلعات المغاربة نحو مستقبل أكثر تفاعلية وتواصلًا واستقلالية.
ولن يتم ذلك، الا بالإلغاء التام لاستعمال لغة فرنسا في الإدارة على المستوى الداخلي وبين المؤسسات والوثائق والتواصل مع المواطنين، وتبني ثنائية لغوية مثلما حددها الدستور.
ندعو جميع الفاعلين في المجتمع المهتمين بالشأن اللغوي والثقافي إلى التعاون والتوحد من أجل تحقيق تغيير إيجابي وتحقيق العدالة اللغوية. ولأجل هذه القضية العادلة يجب أن نكون جميعًا على قلب واحد لنبني وطنًا يستند إلى هويته المتنوعة والغنية بمكوناتها وروافدها الأصيلة بعيدا عن الانبهار الزائف بما هو أجنبي.
فلنعمل معًا من أجل تحقيق ثنائية لغوية وطنية قوية ومستدامة تعكس تطلعات الشعب المغربي وتساهم في بناء مستقبل أفضل للجميع”اهـ.