جدل “تثمين العمل المنزلي”.. قروري: ارتباط هذا المفهوم بالمؤسسات الدولية أمر غير برِيء

15 ديسمبر 2025 17:26

هوية بريس- متابعات

قالت الدكتورة بثينة قروري، رئيس منتدى الزهراء للمرأة المغربية أن “السياق الذي ورد فيه “تثمين العمل المنزلي” يعود إلى سنة 2008، حيث أُسندت إلى لجنة ثلاثية، بتكليف من البنك الدولي، مهمة إعداد وتقييم كل ما يتعلق بالاقتصادات الوطنية”. موردة أن “هذه اللجنة ضمّت ثلاث شخصيات اقتصادية، وقدّمت جملة من التوصيات، من بينها ضرورة احتساب الاقتصاد غير المرئي ضمن الحسابات الوطنية ابتداءً من سنة 2009”.

وأوضحت قروري في حوار مصور على ميدي 1 تيفي أنه “في هذا الإطار، أصدر البنك الدولي تقريرًا وجّهه إلى الدول، دعاها فيه إلى احتساب الأعمال المنزلية وأعمال الرعاية ضمن الاقتصاد الوطني. وبناءً على ذلك، قامت المندوبية السامية للتخطيط في المغرب، سنة 2012، بإعداد تقرير حول استعمال الزمن داخل الأسرة، تم فيه رصد كيفية توزيع الوقت داخل الأسر، واحتساب عدد الساعات التي تؤديها المرأة في العمل المنزلي، وكذلك عدد الساعات التي يؤديها الرجل، وغير ذلك من المعطيات”.

وشدد المتحدثة ذاتها، هذا “هو السياق الذي ارتبط فيه هذا الموضوع بالمنظمات الدولية، وعلى رأسها البنك الدولي. غير أن هذا الارتباط، كما ذكرتِ، لا يجعله بالضرورة بريئًا. فالمنظومة المهيمنة اليوم هي المنظومة الرأسمالية، وعند قراءة مختلف الوثائق الصادرة عن البنك الدولي ومنظمة العمل الدولية، والمتعلقة بتثمين العمل المنزلي وربطه بمفهوم أعمال الرعاية، يتضح أن لهذا التوجه هدفين أساسيين”.

واستطردت قروري، أن “الهدف الأول هو تخفيف العبء عن النساء وإقرار نوع من المساواة بين الجنسين في ما يتعلق بالأعباء المنزلية، وهو أمر يمكن اعتباره معقولًا إلى حد ما. غير أن الغاية النهائية من هذه المساواة هي تحرير طاقات النساء وإخراجهن إلى سوق العمل، لأن هذه المؤسسات لا تنظر إلى الأفراد بوصفهم جزءًا من وحدة الأسرة، بل تنظر إليهم من زاوية منطق السوق. فهي لا تشتغل بمنطق البنية الأسرية الداخلية، ولا تضع في اعتبارها بالضرورة أثر ذلك على استقرار الأسرة أو على العلاقات داخلها، بقدر ما يهمها كيف يصبح الفرد فاعلًا في السوق، بغض النظر عن الانعكاسات الاجتماعية والأسرية”.

وتابعت المتحدثة “في مقابل هذا النموذج، يوجد نموذج آخر ينتمي إلى مجتمعنا، وهو مجتمع مسلم، يقوم على مبدأ المكارمة. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»، وقال أيضًا: «ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم». فالأساس الذي تقوم عليه الأسرة في هذا النموذج هو المكارمة، لا التعاقد”.

كما سجلت الدكتورة قروري أن “تحميل الرجل وحده مسؤولية تثمين العمل المنزلي يعيدنا إلى تحويل علاقة الزواج إلى علاقة تعاقدية قائمة على العمل والأجر، بدل أن تبقى علاقة مودة ومكارمة. والصيغة التي يطرح بها بعض فاعلي المجتمع المدني هذا الموضوع، قد تؤدي إلى خلخلة العلاقات الأسرية أو تهديدها، أو على الأقل إلى إعادة تشكيل مؤسسة الزواج وفق نمط مغاير لما تعارف عليه المغاربة”.

وخلصت إلى إن اعتماد هذا المفهوم في إطار احتساب الاقتصاد الوطني، وجعله أساسًا لمواطنة كاملة للنساء، وضمان حقوقهن الاجتماعية والاقتصادية، وحمايتهن من الهشاشة في حالات الطلاق أو الترمل، هو أمر إيجابي ومطلوب. غير أن إدماجه ضمن مدونة الأسرة يثير أكثر من إشكال، ويستدعي نقاشًا عميقًا ومتزنًا يراعي خصوصية المجتمع وتوازن الأسرة واستقرارها.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
14°
16°
الأربعاء
16°
الخميس
17°
الجمعة
16°
السبت

كاريكاتير

حديث الصورة