“الأساتذة المكفسين”.. تصريحات وزير التربية الوطنية تُفجر جدلًا واسعًا

هوية بريس – متابعات
فجّرت تصريحات وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، موجة من الغضب والاستغراب على شبكات التواصل الاجتماعي، بعد حديثه عن ضرورة تسجيل التلاميذ في “المدارس الرائدة” حتى لو كانت بعيدة، وانتقاده للأطر العاملة في المدارس القروية.
تصريحات الوزير بصياغة سلسة
وخلال لقاء داخلي مع أعضاء من حزبه (التجمع الوطني للأحرار)، قال الوزير برادة إن على الأسر سحب أبنائها من المدارس العادية وتسجيلهم في المدارس الرائدة التي تقدّم أفضل تعليم، حتى إن كانت بعيدة عن البيت.
وأوضح أن على الآباء الدخول إلى الأقسام وتتبع أداء الأساتذة، والبحث عن أفضل أستاذ وتسجيل أبنائهم لديه، معتبرًا أن الأسرة تتحمّل جزءًا من المسؤولية في تحسين النتائج الدراسية.
وأضاف أن والده، عندما كان صغيرًا، أرسله إلى منطقة بعيدة لمتابعة الدراسة، مؤكدًا أن هذا الأمر ساعده على النجاح.
وذكر الوزير أن “الأساتذة المكفسين” أو الأقل تجربة يوجدون في الدواوير، حيث يشتغل خمسة أو ستة أساتذة مع 46 تلميذًا، بسبب اعتبارات انتخابية.
وشدد على أن المدارس القريبة من الدواوير تكون غالبًا فاشلة، بينما البعيدة تكون جيدة.
ودعا الأسر إلى التعاون عبر تسجيل أبنائهم في النقل المدرسي، ولو كانوا بعيدين، لأن هناك تلاميذ يمشون 30 دقيقة يوميًا للوصول إلى المدارس الرائدة الناجحة.
غضب واسع على مواقع التواصل
مجرد انتشار المقاطع المصوّرة، اشتعلت المنصات بتدوينات غاضبة معتبرة أن تصريحات الوزير “تعمّم الإساءة” على الأطر العاملة في المناطق القروية، وتحمّل الأسر مسؤولية المسافات الطويلة بدل معالجة الخلل البنيوي في توزيع المدارس، فضلا عن تكريس الفوارق المجالية بدل السعي لتقليصها.
ورأى أساتذة وتربويون أن حديث الوزير يضرب في عمق صورة المدرسة العمومية ويزرع الشك في المؤسسات القريبة من السكان، بدل تعزيز الثقة فيها.
الصمدي: تصريحات “مستفزة” وتتناقض مع منطق الإصلاح
من جهته، علّق الخبير التربوي والوزير السابق المكلف بالتعليم العالي خالد الصمدي بلهجة حادة، مستغربًا ما وصفه بـ“الخرجة غير المفهومة”.
وقال الصمدي إن الوزير “يدعو عمليًا إلى تقريب الدوار من المدرسة بدل بناء المدرسة في الدوار”، مضيفًا أن حديثه عن “الأساتذة المكفّسين” يمسّ آلاف رجال ونساء التعليم الذين يشتغلون في ظروف صعبة.
وأكد الصمدي أن إصلاح التعليم لا يأتي عبر تشجيع الأسر على قطع مسافات طويلة، بل عبر الاستثمار في تأهيل المدارس القريبة وتحسين جودتها.
وختم قائلاً: “هالعار حيدو لو الميكروفون”.
تساؤلات مفتوحة وانتظار لتوضيحات رسمية
ويرى متابعون أن هذه الخرجة زادت من حدّة النقاش الدائر حول واقع المدرسة العمومية، ومكانة المدرسة القروية، وفلسفة “المدرسة الرائدة” في سياسات الإصلاح.
كما يترقب الرأي العام صدور توضيحات من الوزارة بشأن هذه التصريحات، في ظل النقاش المتصاعد حول ضرورة انسجام الخطاب الرسمي مع التزامات الدولة في ما يتعلق بتكافؤ الفرص وجودة التعليم.



