جدل في تونس حول “إغلاق المساجد” للوقاية من فيروس كورونا
هوية بريس – عبد الباقي خليفة
احتد الجدل في تونس بين الناشطين وعموم المصلين ونقابة الأئمة التي تهدد باللجوء إلى القضاء لإعادة فتح المساجد، وبين المفتي الذي يؤيد إغلاقها، ويستند إلى الرأي الذي يقول: إن الصلاة في المساجد ليست واجبة، بل وذهب إلى اعتبار رفع المجلس النقابي للأئمة وإطارات المساجد شكاية إلى القضاء ضد قرار غلق المساجد “عبثاً ولا معنى له”.
- تحت أنظار القضاء
المجلس النقابي للأئمة وإطارات المساجد رفع قضية استعجالية لدى المحكمة المختصة لإلغاء قرار غلق المساجد، ووصف المجلس النقابي، في بيان حصلت” المجتمع” على نسخة منه، القرار بـ”الجائر”.
وأشار إلى أنّ منتسبي المجلس يحتفظون بحقهم في التعبير السلمي عن موقفهم من خلال الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية والمسيرات الشعبية في كامل ولايات (محافظات) الجمهورية.
كما اعتبر أن قرار تمديد غلق المساجد لا مبرر له شرعاً ولا عقلاً، مطالبين جامعة الزيتونة وأعضاء المجلس الإسلامي الأعلى والجمعيات القرآنية والشرعية والأئمة إلى تبرئة الذمة تجاه هذا “القرار الظالم”.
وذكر البيان أنّه تم خلال الأسبوعين الماضيين عقد اجتماعات مع وزير الصحة وكامل اللجنة العلمية، وتمّ تقديم “الموقف الشرعي” في منع تعطيل شعيرة صلاة الجمعة والجماعة في كامل البلاد، وكان هذا الموقف مؤسساً على تصريحات اللجنة العلمية أنه لم يثبت بصورة قطعية أن أحد المساجد كان بؤرة للعدوى، أو أن أحد المرضى أصابته العدوى داخل المسجد، وإنما كانت هناك تقديرات وقرائن، وهذا الكلام مدون عندنا ومسجل.
- رسالة القيروان
أئمة المساجد في القيروان وجهوا رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة، وصلت “المجتمع” نسخة منها عبر “ماسنجر”، لم يطرقوا فيها لحكم الصلاة في المساجد بالمذاهب الأربعة، وإنما للأسباب الثقافية والنفسية لعملية الإغلاق التي مر عليها أكثر من ثلاثة أسابيع.
وجاء في الرسالة تذكير بأن رواد المساجد هم أكثر الناس تقيداً بالبروتوكول الصحي، وأن غلق المساجد سبب في شيوع الإحباط لدى فئات اجتماعية متعددة وعموم المواطنين، وأن المساجد تساهم في نشر الطمأنينة والراحة النفسية والاستقرار الاجتماعي، ولقد عبّر لنا الكثير من المصلين عن معاناتهم وانزعاجهم واستغرابهم من هذا القرار.
وأكدت الرسالة أن المساجد ساهمت ولا تزال في توعية عامة الناس بمخاطر وباء كورونا لتحقيق السلامة الصحية لعموم الناس.
وتطرقت الرسالة إلى سلوك المؤمنين في المحن والشدائد والجوائح، وهو التضرع إلى الله والدعاء واللجوء إلى المساجد لأنها أفضل الأماكن، فهي بيوت الله.
وجدد أئمة القيروان دعوة رئيس الحكومة التونسية لإعادة فتح المساجد، وحملوا السلطات المسؤولية عن تدهور الأوضاع بسبب غضب المصلين وما ينجر عنه من ردود أفعال.
- مساجد مغلقة وأسواق مفتوحة
إلى ذلك، يواصل رواد التواصل الاجتماعي نشر صور المساجد والأسواق ويعلقون بمقولة: “مساجد مغلقة وأسواق مفتوحة”!
وقال الباحث في الحضارة والإسلامية غفران الحسايني: إنّ قرار التمديد في غلق المساجد لثلاث أسابيع ليس له أي مبرر أو تفسير، في ظل فتح كل الفضاءات العامة وما تعيشه الأسواق ووسائل النقل من فوضى والمقاهي من تزاحم مع جهود محتشمة في فرض الوقاية الصحية.
وأضاف، في تدوين نشره على “فيسبوك”: إنّ المساجد هي الأكثر التزاماً بالبروتوكول الصحي والنموذج الأنجح لتطبيقه، لكنها للأسف الشديد الحلقة الأضعف في حلقة اهتمامات الدولة والمسؤولين، وهذا راجع إلى ما يعيشه المسجد من خذلان وتخاذل في الدفاع عنه وعن حق المواطن في أمن روحي وطمأنينة إيمانية في هذا الظرف.
- آيتان في الميزان
المفتي عثمان بطيخ، في تصريحه لجريدة “الصباح” التونسية، أمس الثلاثاء، استدل بقوله تعالى: (وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ) (البقرة: 115)، وقال: إنّ الصلاة في المساجد ليست واجبة، وإن الجوامع تختلف عن الكنائس التي تستوجب الصلاة داخلها.
في حين يردد الأئمة ورواد المساجد على مواقع التواصل الاجتماعي أن المسألة ليست حكم الصلاة في المساجد، ولكن حاجتنا لها، مستشهدين بقوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (البقرة 114). (م. المجتمع)