جدل واسع في الجزائر بسبب موقفها من قضية الصحراء المغربية
هوية بريس – متابعة
الخميس 26 نونبر 2015
خيمت حالة من الجدل الواسع بالأوساط السياسية والشعبية في الجزائر بسبب إثارة قضية الصحراء المغربية للمرة الأولى منذ اشتعال الصراعات في هذه المنطقة.
واندلعت شرارة الجدل بسبب الكلام الصادر عن عمار سعداني أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني والمقرب من الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، خلال استضافته قبل أيام في برنامج حواري على قناة «النهار» (الخاصة) إذ، عندما طرح عليه سؤال بخصوص ملف “الصحراء الغربية”، قال إن لديه رأيا مخالفا لما يتم تداوله في الساحة السياسية، وعلى مستوى الدبلوماسية الجزائرية، ولكن لم يحن الوقت بعد للكشف عن هذا الموقف الجديد.
ووفقا لصحيفة “القدس العربي”، فإن هذا الكلام الصادر عن سعداني كان كافيا ليقلب الدنيا من دون أن يقعدها، وفهم منه أن هناك شيئا يطبخ في الأفق، وأن تحولا جذريا قد يقع، فيما يتعلق بقضية “الصحراء الغربية”، خاصة أن الكلام صادر عن زعيم الأغلبية المحسوب على الرئيس بوتفليقة والمقرب من شقيقه السعيد، الذي يصفه الكثيرون بأنه الحاكم الفعلي، في ظل تراجع أداء شقيقه بسبب المرض.
كما أن سعداني كان هو من فجر الحملة ضد الفريق محمد مدين المعروف باسم الجنرال توفيق قائد جهاز الاستخبارات السابق، وذلك في وقت لم يكن أحد يجرؤ على ذكر اسمه ولو للثناء عليه، وهي حملة انتهت بإقالة الفريق مدين وإحالته على التقاعد، الأمر الذي أكسب سعداني مصداقية لم تكن متاحة له.
من جهتها سارعت وسائل إعلام مغربية لإعادة تداول هذا الكلام الصادر عن عمار سعداني، وبنت عليه تحليلات تشير إلى وجود تحول في السياسة الخارجية الجزائرية تجاه قضية الصحراء المغربية، منطلقة من فكرة أن رحيل الفريق توفيق قد تكون فتحت ثغرة لم تكن متاحة، ومن أن الكلام الذي جاء على لسان سعداني إنما هو «وحي» أوحي به إليه، وليس اجتهادا شخصيا، وهو نفس ما ذهب إليه المحللون في الجزائر، الذين يدركون أن الاجتهاد في موضوع مماثل مخاطرة لا يقدر عليها سعداني أو غيره.
في المقابل أثارت هذه التصريحات ردود فعل غاضبة في الجزائر، حتى وإن كانت ردود الفعل داخل أحزاب السلطة محتشمة، خوفا من «الذي يكون قد أوحى لسعداني»، لكن رد الفعل الرسمي جاء سريعا ليخلط الأوراق مجددا، إذ استقبل الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة رئيس البوليساريو محمد عبد العزيز في رئاسة الجمهورية، وهو أمر لم يحدث طوال العقود الثلاثة الماضية، إذ لا الرئيس بوتفليقة ولا من سبقوه إلى الرئاسة خلال الثلاثين سنة السابقة استقبلوا رئيس البوليساريو في رئاسة الجمهورية، وهو ما اعتبره الكثير من المحللين ردا على عمار سعداني.
لكن الصورة تبقى غير واضحة، فمن الذي دفع سعداني للخوض في موضوع يعلم القاصي والداني أنه من الثوابت في السياسة الجزائرية، وأنه الملف المتوارث من سلطة إلى أخرى منذ وفاة الرئيس الأسبق هواري بومدين سنة 1978، والذي يعتبر محل إجماع بين النظام والمعارضة، وبحسب مصدر رسمي (فضل عدم الكشف عن هويته) فإن كلام سعداني قد يكون ترجمة لرغبة في التخلص من إرث قضية الصحراء الغربية، التي تدعم الجزائر حق شبعها في تقرير مصيره، لكن بالون الاختبار الذي أطلق اصطدم بمعارضة قوية داخل ما يسمى «الدولة العميقة» لأن ملفا بهذا الثقل وهذه الضخامة لا يمكن التخلص منه بجرة قلم.
وأضافت المصادر ذاتها أن الطريقة التي سيتم بها التعامل مع عمار سعداني هي التي ستحدد إن كان الأمر اجتهادا شخصيا أم تنفيذا لرغبة فوقية في إطلاق بالون اختبار، فإذا تعرض زعيم جبهة التحرير الوطني لتبعات مثل إبعاده من المشهد السياسي، فذلك دليل على أنه اجتهد وأخطأ، أما إذا بقي في مكانه (وهو الاحتمال الأقوى) فهذا دليل على أن الأمر يتعلق بمحاولة فاشلة للتخلص من هذا الإرث.